أحدث المواضيع

المقابلة الخاصة لمجلة كل العرب مع الرفيق القائد عزة أبراهيم (حفظه ألله) مفرغة كتابياً

عزة ابراهيم
كنا اول من قاوم و معنا المجاهدين العرب الذين تطوعوا قبل الغزو و قاتلوا معنا ضد الغزاة.
كتب علي المرعبي
يتطلع الشعب العربي، إلى معرفة موقفكم ورأيكم بما يخص الوضع العراقي والعربي، خاصة بعد ثباتكم على مواقفكم المبدأية التي لم تتغير بعد الغزو والاحتلال، رغم الهجوم الأجنبي الشرس والواسع من قوى الشر الاقليمية والدولية. واستطعتم الحفاظ على مصداقيتكم في كل الظروف الصعبة والخطيرة، رغم الاعداد الكبيرة من شهداء البعث والجيش العراقي الوطني، والمقاومة العراقية البطلة.
مجلة "كل العرب" يهمها أن تلتقي بكم في هذا الحوار، حتى ننقل للرأي العام العربي والدولي رؤيتكم ووجهة نظركم من كافة الحالات التي مرت عليكم، والتطورات التي تعيشونها، واستشرافكم للمستقبل.
القارئ العربي، ينتظر ان يتطلع منكم على كل التساؤلات التي توضح له الموقف. ولنا الفخر سيادة المناضل الكبير عزة ابراهيم أن نحظى بشرف هذا اللقاء، الذي يتزامن مع بدء الغزو للعراق، و انطلاق المقاومة الوطنية العراقية، و ذكرى تأسيس حزب البعث العربي الإشتراكي.

س/ نود أولا أن ننقل لكم تحيات شعبنا العربي، الذي يتمنى لكم الصحة والخير، ويود الاطمئنان عليكم.
ج/ تحياتي لكم في مجلة كل العرب صوت الامة في اوربا والحمد لله انا بفضل الله في صحة جيدة وعبركم ارسل تحيات حارة لشعبنا العربي في كل مكان واخص بالتحية شعبنا في المهاجر والذي حافظ على صلته العميقة بالوطن الأم وقدم و ما زال يقدم الدعم لقضايانا العادلة .

س/تصادف هذه الأيام ذكرى بدء غزو العراق من قوى الشر، كيف كان تقديركم حينها؟ وهل كنتم متأكدين من الغزو؟
ج/ في الحقيقة كنا نتوقع ان الامبريالية والاستعمار الغربي والصهيونية العالمية سوف تتصدى لحزبنا وتجربتنا في العراق منذ تأميم النفط بداية السبعينيات وازداد تأكدنا عندما بدأت التنمية الحضارية الانفجارية تأخذ مداها وتظهر نتائجها وخاصة في ميادين التربية والتعليم والصناعة والزراعة ثم الميادين الأخرى وكان اكثر ما افزع قوى الشر الاستعماري هو بناء الجيش الوطني القومي العقائدي واعداد جيش العلماء والخبراء والباحثين ثم الصناعة العسكرية المتقدمة والاكتفاء الذاتي لأهم عناصر الغذاء، الحبوب والمحاصيل الزيتية والسكرية فبدأ الحصار بوقت مبكر قبل حرب القادسية الثانية فحركوا الخميني وأمدوه بالسلاح وشجعوه على العدوان حتى طالت الحرب ثمان سنوات توقفت فيها نظم التنمية والتقدم وكان هدفهم هو اسقاط النظام الوطني القومي وإيقاف التجربة فعجزوا عن اسقاط الحزب وثورته ولكنهم أوقفوا مسيرة التنمية وغرق العراق بالديون فانتصر العراق في هذه الحرب الشرسة فجن جنونهم فبدأت التعبئة لجيوش هذه القوى بعد انتهاء الحرب بانتصار العراق مباشرةً فدبروا موضوع الكويت فبدأت الحرب على العراق منذ اليوم الاول لدخول الكويت بكل اشكالها ولم تتوقف حتى احتلال العراق عام 2003.

س/ هل كانت لديكم التصورات الكاملة لحجم التفوق العسكري الأجنبي على جيش العراق وتسليحه الذي أنهكه الحصار؟
ج/ نعم كنا نعرف ان موازين القوى في صالح من حشد قواه لشن الحرب علينا فذلك كان واضحا جدا ومن غير الممكن انكاره ففترة الحصار انهكت جيشنا والعمليات العسكرية طوال فتراته ادت الى تدمير متدرج وشبه يومي لقواتنا المسلحة واقترن ذلك بتدمير متدرج ايضا لاقتصادنا ولكننا كنا نتحمل مسوؤولية قيادة العراق نحو بر الامان بقدر ما نستطيع وما نملك من قدرات وحاولنا ان نعزز صمودنا بتقوية المعنويات من خلال التوعية الوطنية والتذكير بإختلال موازين القوى بين اجدادنا الذين فتحوا العالم والامبراطوريات القديمة كالفارسية والرومية وكيف ان قلة مؤمنة غلبت كثرة معادية وضالة بفضل الايمان بالله وصواب الرسالة الخالدة التي حملناها للعالم، لكن المشكلة كانت اكبر من من كل اعداداتنا للمواجهة لان الامر تعلق وقتها بموازين قوى عصرية مختلفة نوعيا فالعدو بدأ حربه دون نراه بينما اجدادنا عند الفتوحات الاسلامية كانوا يتواجهون مع عدوهم ويرهبونه بأيمانهم واستعدادهم التضحية، وكان يقصفنا ولا نرى طائراته وتسقط علينا صواريخه منطلقة من اماكن لا نستطيع الوصول اليها، وهكذا اخذت قدراتنا العسكرية تتآكل بسرعة رغم انها بالاصل كانت مـتآكلة نتيجة الحصار ومنعنا من شراء الاسلحة الحديثة.
ورغم كل ذلك فقد قاومت قواتنا المسلحة ببسالة ما ان دخلت قوات الغزو جنوب العراق واشتعلت المقاومة الشعبية المسلحة ابتداء من ام قصر حتى الوصول الى بغداد وخسرنا آلاف الشهداء من المقاومين والقوات المسلحة ودمرت اسلحتنا. و زاد الامر تعقيدا لأن قوات الغزو سلكت طريقا خارج المدن غالبا للوصول الى بغداد وعندما كانت تدخل المدن مضطرة كانت تواجه بمقاومة شرسة.
وهذا الخيار جعل قدرتنا على منع التقدم خارج المدن ضعيفة لانها تتطلب اولا وقبل كل شيء غطاء جويا يحمي قواتنا التي تتقدم لمناطق مكشوفة امام عدو متقدم عسكريا علينا بكثير ويملك قوة جوية هائلة التطور، لذلك استطاعت القوات الغازية منع تعرضها لخسائر ضخمة كان يمكن ان تتعرض لها لو دخلت المدن كلها وهي تتقدم نحو بغداد. وهذه الحالة جعلت معركة المطار مثالا مزدوجا فهي من جهة مثلت بطولة قواتنا المسلحة التي اندفعت لصد تقدم القوات الغازية واظهرت بسالة هائلة أربكت قوات العدو الذي تحمل خسائر كبيرة ولكنها من جهة ثانية أدت الى ابادة ألوية مدرعة كاملة كانت جوهرة قواتنا المسلحة نتيجة التفوق العسكري والتكنولوجي الهائل للعدو علينا.


س/ ما هي الخطط البديلة التي أعددتموها لتفادي التفوق العسكري النوعي للقوات الأمريكية وحلفائها؟
ج/ لقد اعددنا شعبنا بوقت مبكر لخوض معركة الدفاع عن الثورة ومنجزاتها فدربنا سبعة ملايين مقاتل رجالاً ونساءً و وزعنا السلاح على خمسة ملايين منهم بالإضافة الى المقاتلين الذين انتجتهم حرب القادسية الثانية وأعدو خطة مسك المدن ومداخلها فأرعب العدو هذه الاعداد والتخطيط عندما اصطدم بمدينة عراقية صغيرة في جنوب العراق اسمها أم قصر أوقفت قوى المقاومة الشعبية أقوى ارتال العدو واهمها أسابيع عند حدودها فغير العدو خططه واختار تجنب الدخول في المدن او التقرب منها واختار الصحراء لكي يستثمر تفوقه في كل شيء على جيشنا حتى دخل بغداد واظهر الجيش العراقي العظيم بطولات قل نضيرها رغم التفوق الهائل للعدو وكانت معركة المطار الشاهد الاول على بطولة الجيش وإستبساله حتى اضطر العدو ان يستخدم الاسلحة المحرمة دولياً.

س/ الخطة البديلة التي ذكرتها مصادر مستقلة، بتحول الجيش العراقي من المواجهات العسكرية الكلاسيكية، والإنتقال إلى مواجهات الكفاح المسلح، هل كانت ناجحة؟
ج/ نعم كانت في غاية النجاح فخسارتنا للمواقع والمدن واحتلالها عوض عنه بإنطلاق مقاومة مسلحة وفقا لقواعد حرب العصابات والتي بدأت مع تدهور قدرات جيشنا على مواصلة الحرب النظامية فبدأت صفحة حرب التحرير الشعبية او المقاومة المسلحة والتي اعتمدت اساسا على الملايين التي دربناها بوقت مبكر وعلى ضباط جيشنا ومقاتلي الحزب والاجهزة الامنية، فهؤلاء باشروا المقاومة المسلحة فورا سواء بتنظيم محكم او بالعفوية، وقمنا بتشكيل فصائل مقاومة متعددة وقمنا بدعم كل من يريد المقاومة من غير البعثيين لأنها حرب كل الشعب والدفاع عن العراق واجب كل العراقيين، فلم نكن نميز بين بعثي ومستقل او من ايديولوجيا سياسية اخرى قدمنا السلاح والدعم العسكري والتدريب والخبرة لكل من اراد حمل السلاح ضد الغزاة وانتشر ضباط الجيش على كل فصائل المقاومة الوطنية والقومية والاسلامية، و لهذا سجلنا في التاريخ بأن المقاومة العراقية هي اول مقاومة مسلحة شعبية تبدا بهذه السرعة بمشاركة آلاف المقاتلين مرة واحدة وفي عدة مناطق في آن واحد، بينما كانت حرب العصابات في الدول الاخرى تبدأ ببضعة اشخاص ثم تتوسع تدريجيا و هذا ما حصل في الجزائر وكوبا وفلسطين وغيرها لكن التجربة العراقية انفردت بأنها انتجت مقاومة مسلحة بدأت القتال بآلاف المقاتلين، وكل ذلك تم بفضل اعدادنا للملايين من المدنيين المدربين على حرب العصابات ونتيجة إلتحاق ضباط جيشنا بالمقاومة الشعبية المسلحة وتشكيلهم لفصائل مقاتلة ضمت كل العراقيين وبغض النظر عن هويتهم السياسية.
خطتنا البديلة كانت المقاومة الشعبية المسلحة التي اعطت ثمارها بإجبار قوات الغزو على تحمل خسائر هائلة بلغت اكثر من 75 الف قتيل امريكي حسب احصاءات جهات امريكية معارضة للحرب ولكن الحكومة الامريكية حسبت منها اقل من خمسة آلاف لأن هؤلاء كانوا جنودا وضباطا رسميين بينما البقية كانوا ممن تقدموا بطلب الجنسية الامريكية او البطاقة الخضراء (الجرين كارت) وهي للاقامة الدائمة في امريكا، فإشترط عليهم القتال في العراق لمنحهم الجنسية او الاقامة الدائمة وهؤلاء لم يسجل من قتل منهم في عداد المقتولين ومن هؤلاء سقط العدد الاكبر من القتلى، أما الاصابات فقد اصيب اكثر من مليون امريكي بعاهات جسدية او نفسية بسبب غزو العراق نتيجة تبديل القوات المستمر، وهذه الخسائر البشرية الامريكية غير مسبوقة في كل حروبها بما في ذلك في فيتنام حيث لم يتجاوز عدد القتلى الامريكيين اكثر من خمسين الف قتيل، واخيرا اعترف الرئيس ترامب بان خسائر امريكا المالية تقدر بسبعة تريليون دولار في العراق وقبله قدر عدد من الاكاديميين الامريكيين تلك الخسائر بثلاثة تريليون وكلها ارقام لم تخسر مثلها امريكا لا في فيتنام ولا في غيرها، وبسبب هذه الخسائر البشرية والمالية قررت امريكا الانسحاب العسكري وسلمت العراق لايران في عام 2011 .


س/ كيف كان أداء منظمات الحزب بالمواجهات عسكرياً و شعبياً؟ هل قاموا بدورهم كما خططت قيادة الحزب؟
ج/ دور الحزب كان أساسيا في المواجهة فقد خسرنا اعضاء قيادة استشهدوا وفي مقدتهم الرفيق الشهيد نايف شنداخ، وهم يقاومون تقدم القوات المحتلة وخسرنا عشرات الكوادر الذين أستشهدوا وهم يقاتلون ونتيجة لشجاعة رفاقنا فقد التحق بهم آلاف العراقيين المستقلين وتوسعت المقاومة. و وفقا لهذه الحقيقة فإن دور البعثيين يمثل النفيضة ويمثل البركان الذي جذب الآخرين وفتح لهم كل الابواب للمشاركة في المقاومة.
ولكن التفوق الكبير والنوعي لقوات الغزو بالمعدات والتكنولوجيا وغيرها لعب دورا اساسيا في احتلال العراق ويكفي فخرا شعبنا وحزبنا انه قاوم ببسالة لمدة واحد وعشرين يوما اقوى جيوش العالم واكثرها تقدما تكنولوجيا ،ولو كان من يقاتل الجيش الامريكي جيش دولة اوربية قوية لانهار خلال اقل من اسبوع ،كما حصل لفرنسا التي انهارت امام تقدم القوات النازية بعد اقل من اسبوع مع ان فرنسا كانت دولة عظمى ومتقدمة تكنولوجيا وعسكريا من جهة ،كما ان تكنولوجيا الحرب العالمية الثانية كانت بسيطة مقارنة بتكنولوجيا حرب عام 2003 حيث استخدمت اسلحة توجه وتحدد اهدافها بالاقمار الصناعية من جهة ثانية ، لذلك فصمودنا 21 يوما كان مفخرة عراقية كبيرة بعكس ما يروج من ان الجيش العراقي انهار بسرعة ، اخذين بنظر الاعتبار اضعاف جيشنا واقتصادنا خلال فترة الحصار .

س/ بعد هذه السنوات الطويلة من الغزو والاحتلال، هل كان يمكنكم تجنب هذا الغزو بتقديم تنازلات؟ وما هو حجمها و طبيعتها؟

ج/ لقد مارسنا مرونة كبيرة وأبدينا ايجابية عالية واذكر هنا بأننا سمحنا حتى بتفتيش القصر الجمهوري من اجل تجنب الحرب كما أننا قبلنا ان نمنح الشركات الامريكية عقودا كبيرة في اعادة بناء البنية التحتية للصناعة النفطية خصوصا المنشآت النفطية وغيرها من المؤسسات الاقتصادية التي انهكتها حرب ايران علينا والعدوان الثلاثيني والحصار، وقلنا للامريكيين نحن لا نريد الحرب، والنفط يمكن ان يكون وسيلة سلام و ليس وسيلة حرب، ولكنهم كانوا مصرين على الغزو ولم تنفع كل مرونتنا وايجابيتنا لان المطلوب كان انهاء العراق المستقل والمتحرر والملتزم بقضاياه الوطنية والقومية والانسانية.

س/ كيف بدأت أعمال المقاومة الوطنية العراقية ؟
ج/ بدات المقاومة فور دخول القوات البريطانية جنوب العراق وكانت مدينة ام قصر والبصرة اول محطات المقاومة المسلحة والتي قاتل فيها معا الجيش والمقاومة الشعبية وعجزت القوات المحتلة عن احتلال المدن الا بعد مرور ايام طويلة تم خلالها تدمير القوات المسلحة، اما بعد احتلال بغداد فقد قام الاف الضباط والبعثيين والمستقلين بتشكيل فصائل مقاومة فورا و مارست المقاومة المسلحة في بغداد قبل ان تبدأ في الفلوجة وفي مدن اخرى وتعددت الفصائل الجهادية التي انشأناها ومنها جيش رجال الطريقة النقشبندية وجيش الصحابة وجيش محمد وجيش تحرير الجنوب وقوات الكرامة وسرايا الطف الحسينية وسرايا الزبير ولقد بلغت فصائل القيادة العليا للجهاد والتحرير57 فصيلا مسلحا عدا فرق وألوية الجيش ،وبهذه المنظمات كنا نقاتل الغزو ،وليس صحيحا ان المنظمات غير البعثية سبقتنا فقد كنا اول من قاوم ومعنا المجاهدين العرب الذين تطوعوا قبل الغزو وقاتلوا معنا ضد الغزاة عند بدأ احتلال العراق ، وبعدنا وبدعم منا ظهرت منظمات مقاومة اخرى اسلامية وغيرها ،وكانت اعمال قوات الغزو الوحشية تزيد من لهيب المقاومة وعدد المنخرطين فيها حتى وصلت المقاومة في معركة الفلوجة الاولى مستوى قهر القوات الامريكية حتى في معركة نظامية والتي لعب فيها ضباطنا وجنودنا الدور الحاسم .

س/ الجبهة الوطنية العراقية، من تضم من القوى السياسية المعارضة للإحتلال وما يسمى "العملية السياسية" و هل حققت الهدف السياسي من وراء تأسيسها؟
ج/ الجبهة الوطنية تضم قوى وطنية وفصائل جهادية معروفة منها حزب البعث العربي الاشتراكي والحزب الشيوعي العراقي - اللجنة القيادية – وكتل قومية ومنظمات شعبية ومهنية وشخصيات وطنية بارزة وهي نتاج عملنا بعد الاحتلال حيث بادرنا واتصلنا بالقوى السياسة الوطنية المعارضة للاحتلال وتحاورنا حتى وصلنا الى اعلان الجبهة لتكون اطارا واسعا لكافة الوطنيين والقوميين والاسلاميين وتتولى عملية تحشيد الجماهير وتوحيد جهودها من اجل انقاذ العراق. والجبهة نجحت في كشف زيف العملية السياسية وفشلها وأثبتت انها منبع الفساد والتبعية للاجانب المحتلين وميزت مناهضوا الاحتلال عن داعميه ونشرت الوعي بضرورة تحرير العراق من الاحتلال الايراني .

س/ كيف تنظرون لأداء جبهة الجهاد والتحرير التي تقودونها، في ظل تجفيف مصادرها التسليحية، المالية، و الحصار على جميع الأصعدة؟
ج/ جبهة الجهاد والتحرير قاتلت الغزاة المحتلين وعملائهم والحقت بهم خسائر فادحة اجبرت الجيوش الغازية على الهروب، فجبهة الجهاد والتحرير هدفها الكبير هو انقاذ العراق من حالته الكارثية وانهاء الاحتلال الايراني واعادة بناء الدولة بطريقة حديثة ودستورية واقامة نظام تعددي ديمقراطي يضمن لكل العراقيين الحرية والحياة الكريمة وينهي الفساد والمفسدين . ونتيجة لكل تلك الضغوطات والحرص الشديد على حرماننا من الدعم المالي الذي كان يفترض ان تقدمه لنا الامة العربية لم نحصل على شيء الا على الدعم الواسع من الجماهير العراقية بالتبرعات ولهذا واجهنا عددا كبيرا من المعوقات ولكننا والحمد لله تغلبنا على الكثير منها رغم كل ما سببه الحصار من مشاكل وصعوبات. ومنذ البداية كنا نؤمن بان الحركات الثورية تزدهر وتتقوى بقدر ما تتعرض له من تحديات وضغوطات ولكن بشرط وجود ضوابط تنظيمية واضحة تجعل ممكنا التغلب على تلك التحديات.

س/ المراقبون يتحدثون أن تنظميات حزب البعث داخل العراق باتت الآن أكثر قوة وتنظمياً من ذي قبل.. كيف استطعتم ذلك في ظل قانون "إجتثاث البعث" وحملات الاغتيال والاعتقالات التي طالت عشرات الآلاف من مناضلي البعث؟

ج/ نعم نشعر بالفخر والاعتزاز لان حزبنا تعاظمت جماهيريته بعد الغزو مثلما تعززت قدراته التنظيمية بعد ان تساقطت العناصر الضعيفة التي علقت به بصورة عندما كان في الحكم ، اما بعد الغزو فلم ينخرط في صفوف النضال الا اصحاب المواقف المبدأية الواضحة المستعدون للتضحية والفداء وهذا ما رأينا تطبيقه العملي باستشاهد اكثر من 160 الف بعثي حتى عام 2014 وهو رقم لو تمعنا في دلالاته نرى ان حزب البعث العربي العربي الاشتراكي حزب رسالي لايمكن اجتثاثه مهما تعرض للاضطهاد والتشريد التعذيب. الان ترى الكثير من العراقيين يتمنون عودة البعث للحكم ويقولونها عبر شاشات التلفزيون ويقولونها في التظاهرات بشجاعة وتحد للنظام الفاسد . والسبب في ذلك هو حرصنا على النوعية في مناضلي الحزب فلم نعد نهتم بالعدد واخذنا نتشدد في تقييم من يتولون المسؤولية لنضمن اداء ممتازا ، وعمقنا الوعي الوطني والقومي . واذا اخذنا بنظر الاعتبار البناء النضالي الصلب لحزبنا بالاصل نتمكن من معرفة اسباب فشل الاجتثاث وتحول هذه السياسة الى احد اهم عوامل تعزيز دور الحزب وزيادة جماهيريته.

س/ كيف تنظرون لمخاطر التدخل الايراني داخل العراق؟ ولماذا برأيكم سهلت الولايات المتحدة وصول عملاء ايران للسلطة بعد الاحتلال؟ وهل كان يوجد تنسيق امريكي ــ إيراني قبل وأثناء و بعد الاحتلال؟
ج/ التدخل الايراني لم يعد تدخلا بل هو احتلال شامل للعراق. احتلال للحكومة والبرلمان والمؤسسات العسكرية والامنية. واحتلال للموارد المالية، لهذا نحن اكدنا مرارا بأن الخطر الايراني هو الخطر الاول من حيث نتائجه واثاره الكارثية على العراق والامة خصوصا وانه يعتمد على تأجيج الطائفية التي تشرذم الناس البسطاء وتخلق مشاكل معقدة ويصعب حلها، اضافة لاعتماده على التغيير السكاني ومنح الجنسية لأعداد ضحمة من غير العراقيين مثلما فعلت الصهيونية في فلسطين. والتعاون الامريكي الايراني سابق للغزو ويعود الى تعاون خميني مع امريكا واسرائيل في ايرانجيت وما بعدها وما رافقها، وسبب اعتماد امريكا على ايران في غزو وتدمير العراق يعود لسببين :
السبب الاول هو ان امريكا تريد تجنب الخسائر البشرية والمادية في العراق، اذا خاضت معارك واسعة مع المقاومة العراقية ولفترات طويلة، اعتمادا على تغلغل ايران وتولي ميليشياتها دورا أمنيا ومخابراتيا وسياسيا مباشرا .
والسبب الثاني ان امريكا خططت لتجريد ايران من احتلالها للعراق بعد ان تنجز مهمتها وهي نشر الفتن الطائفية وشرذمة العراق لتسهيل غزوه والاستقرار فيه فتحملها مسؤولية كل الكوارث التي حلت بالعراق وهو ما نلاحظه الآن حيث تقوم ادارة الرئيس ترامب بتشديد الخناق على ايران تدريجيا.

س/ نعرف ان البعث والمقاومة العراقية والجبهة الوطنية العراقية، يرفضون الدخول بما يسمى العملية السياسية، هل موقفكم قابل للتحول اذا كانت هناك ضمانات دولية؟
ج/ طرحنا مشروعا سياسيا مهما وهو الحل الشامل لمشكلة العراق بمشاركة كافة العراقيين ومن خلال مؤتمر يعقد بإشراف دولي وعربي تتوفر فيه الضمانات لانهاء الحالة الشاذة، لكن ايران واتباعها رفضوا هذا الحل لانه يجردهم من مكاسبهم غير المشروعة في العراق ويضع حدا للاحتلال الايراني للعراق. والان تجري محاولات نأمل ان تنجح للوصول الى حل سياسي لازمة العراق يقوم على ابعاد الميليشيات وانهائها وطرد ايران وعملائها وتصحيح الاوضاع التي نتجت عن الاحتلال وتنشط عناصر كثيرة على الصعيد الدولي للوصول الى اقناع اطراف دولية واقليمية بالاتفاق على حل ينهي معاناة العراق.

س/ ما هو رأيكم على ما تردده الإدارة الامريكية من التحول بموقفها السياسي من إيران؟ هل تعتقدون ان الإدارة الامريكية قد تستهدف ايران؟ وإلى أي مدى؟
ج/ التحول الامريكي تجاه ايران يقترن باكمال ايران لدور الناشر لعوامل الدمار والخراب في العراق والمنطقة كلها فقد نشرت كافة اشكال الخراب والفساد والارهاب والنهب واكملت خطة تدمير الدولة وهجرت ملايين العراقيين من ديارهم ومدنهم وقراهم ونشرت الفتن الطائفية وافقرت الناس ونشرت الشذوذ الجنسي والاخلاقي، مما ادى الى تبلور عداء شعبي شديد وغير مسبوق لايران و لمن يتبعها في العراق، لهذا نرى امريكا الان تستثمر هذا الجو النفسي المعادي لايران لتنفيذ خطة تقليم اظافرها في العراق وفرض شروط امريكية عليها تجعلها احد اللاعبين في العراق وليس اللاعب المسيطر بينما تقوم امريكا بدور القوة المسيطرة، إذ ليس معقولا ان امريكا وبعد ان قدمت اكثر من 75 الف قتيل في العراق وخسرت ثلاثة تريليون دولار على الاقل ان تقبل بإحتلال ايران للعراق وتخرج هي بلا مكسب؟
اما المدى الذي تذهب اليه امريكا في تقييد ايران فهو اعادة تركيب العراق بحيث تصبح هي المهيمنة وايران تحت ادارتها خصوصا وان ايران طرف في النظام الاقليمي الذي تريد امريكا اقامته تحت تسمية النظام الاقليمي الجديد في الشرق الاوسط والذي يفترض ان يضم تركيا والكيان الصهيوني وايران واطراف هامشية عربية لاكمال ديكور الحلف ، اما عن موقفنا الثابت والمشروع فهو اننا لم نخفي منذ بداية الغزو بأن اي خطوة تؤدي الى اضعاف ايران في العراق وبقية الاقطار العربية نرحب بها وهذا هو الحد الادنى لاهدافنا الستراتيجية اما الحد الاعلى فهو طرد ايران وانهاء ادوار عملائها في العراق وبقية الاقطار العربية .


س/ بمناسبة الذكرى 72 لتأسيس حزب البعث العربي الاشتراكي ما هي رسالتكم للشعب العربي و لمناضلي الحزب؟
ج/ في هذه المناسبة نؤكد لشعبنا العربي في كل مكان وللانسانية عموما باننا مصممون على انقاذ العراق ونعد هذا الهدف هو المقدمة الطبيعية لانقاذ كافة الاقطار العربية، فمن العراق بدأت الكوارث وبتأثير تحرره ستنتهي الكوارث لذلك ندعو كافة المناضلين العرب والانظمة العربية لدعم حزبنا من اجل الاسراع بإنقاذ العراق واعادة بنائه ليكون قادرا على تعبيد طريق انقاذ الاقطار العربية وايقاف المد الايراني واعادت ايران الى حدودها القديمة ومنعها من التدخل في شوؤننا الداخلية. و لكي نحقق هذه الاهداف الوطنية والقومية فمن الضروري الارتقاء بمستوى نضال الحزب وبنائه التنظيمي في الاقطار العربية كافة وتعزيز الهوية القومية لتنظيمه لأنها احدى اهم ضمانات وحدة امتنا العربية لاحقا فبدون صورة البعث القومي الواحد القوي والملتزم لن تنهض الامة ولن تتحرر ولن تتوحد.

س/ أخيراً، كيف تنظرون لمستقبل العراق وأمنه وسيادته بعيداً عن التأثيرات الأقليمية والدولية؟
ج/ ننظر لمستقبل العراق من منظورنا الاصيل كبعثيين فلا امل بنهضة العراق من دون وحدته الوطنية وضمان المساواة لكل العراقيين واحترام ثقافاتهم وتنوعهم ضمن العراق الواحد. فالعراق القوي هو العراق الذي يحترم حقوق كل مواطنية السياسية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية ويقضي على الفساد والتمييز بكافة اشكاله، ولهذا نناضل بلا هوادة من اجل ان نقيم عراقا بهذه المواصفات وهي سوف تضمن بتحققها حمايته من التأثيرات الاقليمية والدولية السلبية، مع التأكيد على اننا نرحب بالتأثيرات الايجابية التي تقوم على تحقيق التقدم والتقارب بين الشعوب وسيادة السلم والمساواة بين الامم.
شكرا لك ولمرورك