أحدث المواضيع

حضارات العراق / الجزء الرابع




اعداد : اسد الهلالي
العرب والإسلام 637 م
بعد سقوط الإمبراطورية الكلدانية عام 538 ق.م. ، تعاقبت عل حكم بلاد وادي الرافدين عدة سلالات أجنبية ، منها 


الأخمينيون ، والاسكندر المقدوني، والسلوقيون ، والفرثيون ، والساسانيون . وفي عهد الملك الساساني " يزدجرد الثالث " ، قاد سعد ابن أبي وقاص جيوش التحرير العربية الإسلامية ، وحرر العراق من سيطرة الساسانيين بعد معركة القادسية الشهيرة في عام 637 م ، ثم لاحق جيش يزدجرد إلى إيران ، فكانت واقعة النهاوند في عام 642 م ، التي أنكسر فيها الفرس ، وهرب ملكهم ، وقتل عام 651 م . .وانتهى بذلك الحكم الفارسي الساساني ، وبدأ العهد الإسلامي العربي . كان للعرب قبل الإسلام دويلات وإمارات في العراق و بلاد الشام . . بالإضافة إلى دولهم في الجزيرة العربية . . وقد شيدوا مراكز كثيرة للقوافل التجارية عبر الصحارى ، ولا سيما في العهد الفرثي والبيزنطي والساساني . . وما لبثت هذه المراكز أن أصبحت مدنا كبيرة ذات عمارات وحصون ، وأصبح لها شأن كبير بسبب موقعها على طرق القوافل التجارية والحملات العسكرية بين الدول المتناحرة للسيطرة على المنطقة : الفرس والرومان والبيزنطيون . . في هذه المدن تمازجت الحضارات الفارسية والهيلينية والبيزنطية ، منصهرة مع حضارة سكانها العرب . ان أهم مراكز العرب وأقوامها في تلك الفترة : الأنباط في البتراء، وآل نصرو في الحضر، وعرب تدمر ، والغساسنة في وادي حوران جنوبي دمشق ، والمناذرة التنوخيون واللخميون في الحيرة . . وقد دام حكمهم حتى الفتح الإسلامي .

* العباسيون
750- 1258 م
بعد الخلافة الأموية في الشام ، قامت خلافة العباسيين في العراق متسلمة مشعل الحضارة العربية الإسلامية من بني أمية ، لتضفي عليه إنجازاتها العظيمة مزيدا من الهيبة والجلال . . ومزيدا من الخير والتقدم للإنسانية جمعاء . وإذ كانت حواضر ومدن كبرى قد أسست في العراق في صدر الإسلام مثل الكوفة والبصرة وواسط فان بغداد . . منار الحضارة . . قد بنيت في عهد الخليفة أبي جعفر المنصور ، ثاني الخلفاء العباسيين لتكون عاصمة الخلافة . في هذا العصر بلغ العراق أوج تطوره الحضاري وأصبحت" مدينة السلام " - وهو أحد أسماء بغداد - قبلة العالم أجمع ، وملتقى العلماء والأدباء الذين توافدوا عليها من شتى أقطار الأرض وكانت ذروة ازدهار الدولة العباسية في عهد الخليفتين هارون الرشيد وابنه المأمون . وقد عرفت تلك الحقبة من التاريخ العباسي بالعصر الذهبي . وفي زمن الرشيد بلغت الدولة أوج سعتها وتوطدت أركانها وأحكمت إدارتها وعم الخير والرخاء جميع أرجائها . . لقد بلغ من هيبة هذا الخليفة أن كان لاسمه وقع في كل أرجاء المعمورة . . وان أصبح أسم بغداد لصيق باسمه حتى يومنا هذا ، فهي عاصمة الرشيد . وفي عهده نمت علاقاتها الخارجية وتوطدت . وكان الرشيد معاصرا للملك شارلمان وقد نشأت بينهما صلات ودية وثيقة. وكان الرشيد قد أهدى شارلمان أول ساعة صنعت في ذلك العصر. أما المأمون فقد كان رجل علم وطالب معرفة ، بل لقد كان هو نفسه عالماً أديباً يحضر مجالس العلماء والأدباء يستمع إليهم ويناقشهم وبلغ من روحه العلمية وولعه العلمي أن كانت تناقش في حضرته أخطر القضايا حتى فيما يتعلق بأمور الدين . إن أعظم ما لهذا الرجل على الحضارة الإنسانية من فضل ، أنه جلب المترجمين من سائر أنحاء الدنيا ، فترجموا له روائع الفكر البشري من سائر اللغات وفي شتى حقول العلم والمعرفة . وبلغ من إكرامه المترجمين أن كان يعطي للمترجم وزن كتابه ذهباً ، حتى أن جماعة منهم كانوا يخطون تراجمهم على جلد سميك ليزيدوا في وزنها ، وما كان ذلك ليمنعه عن مكافأته وزنها ذهباً حين يجدها أهلا لذلك . لقد حفظت اللغة العربية للإنسانية أعز معارفها ، وكان للمأمون في ذاك فضل خالد الأثر. ولئن كان ذلك حظ المترجمين ، فبأضعافه كان يجزى العلماء والمؤلفون . أما العمران والتجارة والزراعة فلم يشهد وادي الرافدين عصراً احفل بها من العصر العباسي . في 20 شباط عام 1258 م ، انطفأت تلك الشعلة الوهاجة التي أضاءت طريق الإنسانية زهاء 500 عام عندما أقبل التتر وعلى رأسهم هولاكو ، حفيد جنكيزخان ، واستباح بغداد استباحة لم يشهد لها التاريخ مثيلا فقد روت الأخبار أن دجلة اصطبغت بلون الدم فرط ما ألقي فيها من الجثث وبلون الحبر فرط ما ألقي فيها من الكتب وأن الحرائق أشعلت في بغداد حتى اعتكر دخانها غيماً أسود وخاصة حرائق المكتبات . بهذه البربرية اغتيلت حضارة من أغنى حضارات الإنسانية عطاءاً ، وأسدل بعدها على وادي الرافدين ستار من الظلمة كثيف ، وساد فيه الجهل والفقر والفساد وفي القرن السادس عشر الميلادي دخل العثمانيون البلاد ، وأحكموا سيطرتهم عليها حتى الحرب العالمية الأولى . ثم خضع العراق للانتداب البريطاني الاستعماري .


شكرا لك ولمرورك