من استمع لخطاب الرفيق المناضل عزة ابراهيم الامين العام للبعث وقائد جبهة الجهاد والتحرير والخلاص الوطني الاخير ( بث يوم 3-4-2015 ) لمناسبة ذكرى تأسيس حزب البعث
العربي الاشتراكي يجد ان الامة العربية مازالت بخير وان القدرة النضالية ، المسلحة والسلمية ، اقوى مما كانت واحتياطيها الجهادي مازال ضخما وفعالا رغم كل الكوارث التي لحقت بالتيار القومي العربي سواء بسبب حملات اعداءه الكثر او كثمرة لتشويهات وانحرافات بعض من يدعون الانتماء اليه لكنهم يخدمون التوسع الاستعماري لاسرائيل الشرقية مباشرة وصراحة . نناقش الان لم ركز على النهوض القومي وفشل الخطة الصهيوامريكية فارسية لاستخدام اسم الاسلام في تفتيت الاقطار العربية وتقسيمها ونوضح على اي اسس استند الرفيق عزة ابراهيم في موقفه هذا :
1-رغم وجود مؤشرات كثيرة على ان بعض التنظيمات الاسلاموية تقوم بدور تخريبي وهو تمزيق الرابطة الوطنية وتهميش الهوية القومية بادعاء مشبوه بانهما - اي الوطنية والقومية - نتاج فكر غربي وانهما معاديتان للاسلام وعقيدته ، بل ان بعض العناصر الماسونية الهوية المتسترة بالاسلام اتهمت الحركة القومية العربية بما فيها هي وهو ان القومية العربية ماسونية !
2-منذ الاربعينيات من القرن الماضي وحتى غزو العراق تواترت الادلة والمؤشرات على ان الدعوة لادانة القومية العربية وتكفيرها ليست سوى عملية تمهيدية لشرذمة الجماهير العربية على اسس دينية وطائفية فعندما تجرد الانسان من هويته الوطنية ومن انتماءه القومي لا يبقى له سوى الردة لعلاقات ما قبل الامة وفي مقدمتها العشائرية والطائفية والعنصرية والمناطقية ...الخ وتلك العلاقات علاقات تخلف وتشرذم وتنازع وتقزيم للقوة . هذه الجماعات تعمدت اضعاف الرابطة الوطنية بوضع حواجز بين المواطنين العرب هي الدين والطائفة ، رغم ان القوانين والانظمة المعمول بها تاريخيا ومنذ الفتح الاسلامي تحترم اصحاب الديانات والطوائف المتعددة في الوطن العربي وتساوي بين كل المواطنين وبغض النظر عن ديانتهم او طائفتهم او اصولهم الاثنية ، والدليل الحاسم هو بقاء الاديان والطوائف قرونا طويلة متعايشة بسلام فلو ان الاديان الاخرى والطوائف الدينية كانت محاربة تحت الحكم الاسلامي لما بقيت حتى الان .
وفي تلك المرحلة من النضال ضد الاستعمار الاجنبي في الوطن العربي كان الجميع يناضلون ضده متحدين تحت راية العروبة التي جمعت المسلم والمسيحي والصابئي والايزيدي واليهودي – قبل انشاء الكيان الصهيوني –والتي لم تكن تعتبر الانتماء الطائفي للمسلم والديني لغير المسلم ولا للاصل الاثني غير العربي معيارا للتقييم فكل عربي مساو للعربي الاخر .
وهذه الحقيقة واضحة جدا ولا تحتاج لاثبات اذ يكفي النظر الى تركيبة الاحزاب العربية قبل الصعود المبرمج لتيارات اسلاموية في نهاية السبعينيات لنتأكد بان كل الاحزاب قامت على اساس الوطنية والهوية القومية وليس على اساس ديني او طائفي باستثناء تلك التنظيمات الاسلاموية شيعية وسنية . فما الذي تغير بعد حوالي 1400 عام من التعايش تحت مظلة المواطنة العربية المتساوية كي ترتفع راية التمييز بين مسلم وغير مسلم وبين شيعي وسني ؟ لم يتغير الاسلام ولا مرجعيته الاساسية بل الذي تغير هو مرجعية تلك التنظيمات الاسلاموية وهي ليست مرجعية اسلامية بالتأكيد . ان تاريخ ووثائق نشوء تلك التنظيمات الاسلاموية يؤكد بان بريطانيا عندما كانت امبراطورية لاتغرب عنها الشمس هي التي وضعت الاسس الحديثة لاستخدام الدين في السياسة ليس من اجل خدمة الدين بل من اجل تسهيل مهمة الاستعمار وتمكينه من السيطرة على الاقطار العربية من خلال تمزيق الرابطة الوطنية والتشكيك بالهوية القومية العربية ، لان سياسته التقليدية كانت تقوم على مبدا معروف وهو ( فرق تسد ) والوطنية والقومية توحدان لذلك يجب محاربتهما بينما الطائفية تفرق وتنتج الاحقاد لذلك يجب دعمها . اول عمليات اضعاف المواطنة العربية كانت داخل تلك التنظيمات الاسلاموية فقد اقتصرت على المسلمين فبما انها طائفية متطرفة فانها منعت الانتماء اليها من قبل الطائفة الاسلامية الاخرى ، فالتنظيم المتستر بالتشيع اقتصرت عضويته على شيعة والتنظيم المتستر بالتسنن اقتصرت عضويته على السنة ، وهكذا وجد اول شرخ في مفهوم المواطنة ورأينا عربا يميزون على اساس ديني او طائفي في كل شيء من السياسة الى الزواج . هذه حقيقة ثابتة يعرفها من عاش تلك الفترة . وبفضل قوة التيار القومي - لانه تيار الاصالة العربية وهوية الامة كلها – لم تتوسع تلك التنظيمات الاسلاموية وبقية محصورة ومحاصرة في بقع معزولة ومسيطر عليها ليس من قبل الانظمة بل من قبل الجماهير العربية التي كان وعيها الوطني وانتماءها القومي كافيان لعزل تلك التنظيمات واحاطتها بشكوك عميقة حول الجهة التي تخدمها فعلا . وقفت هذه الجماعات ضد عبدالناصر عندما كان يقاتل الغرب الاستعماري والصهيونية ويعيد بناء مصر لتصبح قوة فعالة اقليميا ودوليا ، ثم وقفت ضد البعث ونظامه الوطني وحاربته جنبا الى جنب مع الغرب والصهيونية اللذان كانا يشنان حربا شعواء ضده رغم رعاية البعث لكافة الطوائف والاديان ودعمه لمبدأ توحيد الناس وتعزيز الايمان بالله . 3-عندما غزت امريكا العراق في عام 2003 توفرت ادلة دامغة على ان تلك التنظيمات مرتبطة باجهزة مخابرات غربية وتوفرت مؤشرات على انها ربما ترتبط ايضا بالمخابرات الصهيونية فمن يرتبط بمخابرات امريكا وبريطانيا لايجد سببا لعدم التعاون مع الموساد . لقد اشتركت هذه التنظيمات سنية وشيعية في دعم الاحتلال وفي حكوماته المتعاقبة وكانت القاعدة الاساسية المسلحة والسياسية التي استند اليها الاحتلال ووقفت ضد المقاومة العراقية القومية والوطنية الاسلامية – الحقيقية وليست الاسلاموية - واصرت على مواصلة خدمة الاحتلال رغم كل جرائمه وتدميره للعراق شعبا ومجمتعا ودولة وهوية . هكذا ظهرت الحقيقة كاملة وهي ان هذه التنظيمات ليست سوى ادوات تستخدمها قوى خارجية غربية واقليمية لشرذمة الشعب وتقسيمه على اسس طائفية كي يستمر الاحتلال ويتعزز وتضعف جبهة الشعب المقاوم .
ان كوارث الابادة الجماعية والتهجير الجماعي على الهوية الطائفية – بلغ عدد المهجرين العراقيين العرب اكثر من عشرة ملايين مهجر- اكمل الادلة على ان تلك التنظيمات تستخدمها قوى معادية للامة العربية ، فقد قتل من العراقيين اكثر من من مليوني عراقي على يد المليشيات الطائفية الصفوية اضافة الى اكثر من مليون قتلتهم امريكا، بينما تولت الطائفية السنية تأمين بشر يحاربون المقاومة العراقية ويساهمون في تأجيج الفتن الطائفية مكملين دور الصفويين ومتعاونين معهم رغم العداء بينهما . القسوة المتطرفة في القتل والابادة والتهجير والتفنن في ابتكار وسائل قتل غريبة كشوي الجثث وتشريحها وتقطيع الرؤوس وغيرها افزعت الشعب كله ، وباندماج القسوة مع الحرمان من الخدمات والدواء والاكل والتعرض للموت كل دقيقة في عذاب غير مسبوق تبلورت قناعة عامة لدى الاغلبية الساحقة من العراقيين بان التنظيمات الطائفية شيعية او سنية هي العدو الاول والاخطر للشعب وهي العقبة الاساسية امام تحرره وهي اصل البلاء ومصدره فلولاها لما نجح الاحتلال ولما استمر ولما نفذ خطته في تدمير العراق شعبا وارضا ودولة ومصادر حياة .
وهذا الانكشاف التام والعزلة الكبيرة للطائفيين عن الشعب عوض عنه بالمال والرشا حيث ان الطبيعة الفاسدة لمن يحكم اجبرته على القيام بافساد منظم لفئات اجتماعية كثيرة فتحت ضغط الجوع والبطالة وانعدام الخدمات وتفشي الامراض واللصوصية اضطرت تلك الفئات للتعاون مع الطائفيين من اجل الحصول على دخل ولو بالطرق الحرام .
ولهذا فان القاعدة الاساسية للحكومة الطائفية ورغم ضخامتها العددية هشة بمعايير الصلابة والقدرة على الصمود او القتال وهذا ما اثبتته احداث تحرير نينوى وصلاح الدين من الصفويين وجيشهم الميليشياوي الذي هرب بجبن واضح ولم يقاتل . وبتأثير هذا الوضع المأساوي والفريد اخذت الجماهير تصل لقناعات تلقائية ابرزها ان صلات الماضي وخلال قرون مضت خصوصا فترة ما قبل الاحتلال كانت العصر الذهبي للشعب العراقي لان الرابطة بين العراقيين كانت المواطنة المتساوية وغياب التمييز الديني والطائفي والعرقي وسيادة القانون وضرب الفساد والمفسدين بيد من حديد . اخذ الناس يترحمون على العهد الوطني وارتفعت اصواتهم عالية ومن فضائيات حكومة الاحتلال تمدح النظام الوطني وتتمنى عودته ، في اشارة واضحة وراسخة لقناعة عامة بان الرابطة الوطنية هي حبل الانقاذ من كوارث الاحتلال.
ان استبدال المواطنة المتساوية بتقسيم المواطنين الى مسلمين ومسيحيين وصابئة وايزيديين وسنة وشيعة كان اصل البلاء والثغرة الاساسية التي استخدمها الاحتلال سواء كان امريكيا او فارسيا لدخول العراق وتعزيز وجوده وضمان بقاءه وتنفيذ خطته في تقسيم العراق وزرع بذوره .
هذه هي القناعة الاساسية التي قلبت المعادلة في العراق رأسا على عقب ، واكتملت تلك القناعة بالتوصل لحقيقة جوهرية وهي ان تنفيذ خطط الاحتلال في شرذمة العراقيين كانت بواسطة التنظيمات الطائفية ، لذلك كانت نتيجتها البارزة هي تراجع وانحسار التيارات الاسلاموية التكفيرية وعزلتها مجددا وصعود االتيار القومي العربي الذي كان الضامن الرئيس لمبدأ المواطنة المتساوية .
اما العامل الحاسم الذي ابقى التيار القومي العربي حيا ومتقدما الصفوف فهو صمود البعث ومحافظته الصارمة على هويته الوطنية العراقية وانتماءه القومي العربي ومحاربته وبلا هوادة كل توجه طائفي وعنصري ، وبناء على هذه الواقعة فقد بقي البعث هو التنظيم الوطني الوحيد الممثل لكل العراقيين ومن كافة الاديان والطوائف والاثنيات ، وبقتاله ضد الاحتلال والطائفية ودفاعه عن الهوية الوطنية والانتماء القومي تمكن من المحافظة على وحدة العراق وعززها واحبط مخطط تقسيمه . ان ابرز واهم حقائق الصراع في العراق هي ان القومية العربية والتيار القومي العربي لم يحميهما الا البعث رغم ان البعض ممن حشر نفسه ضمن التيار القومي دعم غزاوت ايران وجمل وجهها القبيح متجاهلا كل جرائمها البشعة في العراق وسوريا ولبنان واليمن وغيرها ! الحمد لله الان هذا البعض اصبح انفارا وموضع انكشاف وعزلة تامة .
اهم ظاهرة تمهد للانتصار الحاسم على الفرس وداعميهم هي ان حركة التحرر الوطني العربية وطليعتها البعث بقيت الاقوى عسكريا والاثبت نضاليا والاشد حصولا على الدعم الجماهيري بعد ان رأت الملايين الصورة الحقيقية لما يجري وعرفت من يحمي الهوية والارض والعرض ومن يفرط بها ويساوم عليها ، فصارت عودة البعث مطلبا جماهيريا في العراق ولو اجريت انتخابات حرة الان فان البعث وحلفاءه سوف يفوزون بنسبة تتجاوز ال80% من الاصوات ، ولذلك نتحدي امريكا والامم المتحدة الواقعة تحت سيطرتها شبه الكاملة ان تجري انتخابات حرة الان في العراق وبضمانات دولية ان تتوقف عمليات الابادة والقتل والاضطهاد .
على هذه الاسس استند تأكيد الرفيق عزة ابراهيم بان القومية العربية تنهض وتتقدم وتنتصر . Almukhtar44@gmail.com
12-4-2015
تحويل كودإخفاء محول الأكواد الإبتساماتإخفاء