أحدث المواضيع

حياة ليست كالحياة.. ــ نواديس بغداد


كتب لي أحد الأخوه وبكلمات متعبه يملؤها الخوف والتذمر:
*لايكاد يمر يوم دون ان نسمع بحاله خطف لطفل او رجل او فتاه..منطقتنا اصبحت مخيفه وكأننا نحيى في كابوس مظلم ومعتم لاسبيل من الاستيقاظ منه.
ليست منطقتنا وحسب ايتها الرفيقه..بل غيرها من المناطق كذلك ، هكذا بدء حديثه معي بصوت مضطرب وخائف ولاألومه فالمعني هو فلذه كبده.
وسألته الم تتحقق الشرطه او الجهات المعنيه من امر هذه الحوادث المروعه ، فلا يعقل وانت تتحدث عن حوادث وخروقات تعتبر يوميه ومستمره أن تمر على مسمع ومرأى الجهات الامنيه دونما كشف للجناه وتقديمهم للعداله والا فتلك فوضى عارمه ؟
ليصدمني جوابه اكثر من صدمتي بحالهِ المؤلمه:يارفيقه كل حوادث الخطف تقيد ضد مجهول ، ولايستطيع الاهل اصلا تقديم اي بلاغ رسمي او رفع دعوى كون الخاطفين يهددون اهل المخطوف بالتصفيه الجسديه في حال عدم تكتمهم على الامر.
وقلت له حينها بقلب مرتجف:الله أكبر!!!!!
سألته مره أخرى وبقلق اكثر هذه المره:ياعزيزي ماتتكلم عنه جد خطير ، فما أنتم فاعلون إذن؟
فقال :لاشيء ، نعتمد على انفسنا فقط..اغلبنا يملئ بيته بكاميرات المراقبه لتحرس مداخل البيت والسطح والابواب ونقوم بعمل خفارات حراسه ليليه فيما بيننا ويقصد بذلك فيما بين الاهالي ممن يقطنون نفس الشارع، ووضعنا بعض الحواجز والصبات الكونكريتيه كنوع من الحمايه للشوارع الفرعيه داخل المنطقه وهذا الحال تجديه في اغلب المناطق .كون لم نجد احد ينجدنا او يقدم لنا المعونه في حمايه عوائلنا..الحل الوحيد الذي لمسناه من الجهات الامنيه غلق مداخل المنطقه فقط لصعبوا علينا مسأله الدخول والخروج منها فقط لاغير.أجبته بأحباط:حسبنا الله ونعم الوكيل.
في اسبوع واحد يختطف قرابه ال7 اشخاص بأعمار متفاوته صغار وكبار، يتم بعدها مساومه الاهل على مبلغ مادي وليس مضمونا عوده المختطف ونجاته برغم دفع الفديه!
لاأحد يدع طفله يلعب في الشارع كما كان معتادا سابقا..لاكره قدم واصوات ضجيج محبب للنفس يصدرها صبيه صغار بحماس شديد واصوات تتعالى" كووووول".
لابايسكلاتهم الجميله الالوان ولاصوت زماميرهم البريئه..لاذهاب الى الحانوت او محل الجار المقابل للدار ليشتري بالربع الذي اعطاه اياه جده قطعه الشكولاته او كيس جبس صغير او علكه..
الرعب يدب في اوصال الجميع ايتها الرفيقه العزيزه وخوفنا على اولادنا وانفسنا جعلنا لاننام الليل.قلت له بقلب متألم:
_وماالعمل وهناك امتحانات البكلوريا التي يؤديها طلبه وصفوف الثالث والسادس ؟؟
ليجيبني بنفس الخوف والحزن الذي بدء به حديثه معي:
*لاذهاب مشيا على الاقدام اما الأم تذهب مرافقه امنيه وحارسه او الاخ الاكبر او الاب.
وسألته عن الاباء والامهات العاملين كيف لهم الذهاب مع اولادهم وهم موظفون ولديهم اعمالهم التي تستوجب تواجدهم اليومي وبأوقات محدده من اول الصباح الى مابعد منتصف النهار؟
فأخبرني بأن الاب والام الموظفان يضطرانِ الى تقديم اجازه تتعدى الاسبوعينِ لكي يتمكنوا من اصطحاب اطفالهم لأداء امتحاناتهم الوزاريه حارسين ومرافقين لأولادهم خوفا عليهم من الخطف ..لتضج بهم ابواب المدارس وتعج بأقدامهم الخائفه الارصفه الملتهبه حرا في ظل هذا الصيف الحامي منتظرين بتعب وقلق وخوف خروج ابنائهم كي يعودوا بهم للبيت سالمين..
لك الله ياعراق الامان!!
وسلاما على تلك الايام البيضاء حين كنا نلعب ونفترش الطرقات ولأوقات متأخره فهذا يلعب لعبه الدعبل وتلك ترسم على الاسفلت بالطبشور لعبه التوكي وغيرها من لعب الزمن الجميل..
لكم الله يااطفال بلدي كأنما لايكفيكم رعب المفخخات والعبوات وبؤس الكهرباء والخدمات السيئه ليأتيكم رعب الخطف والقتل على يد سراق العصر ممن تفننوا في تمزيق الحياة وتجريدها من الوانها البهيه..
حمى الله اطفالنا واطفال اهلنا جميعا..
واعان الله ذلك الاخ المسكين الذي شاركني المه وخوفه وتوتره.
شكرا لك ولمرورك