قاعدة سلوك امريكية
10- اوباما لم يقل ان قتل الشهيد صدام كان خطأ ، كما يروج ، بل قال اخطأنا في غزو العراق وهذا النقد هدفه ليس تغيير خطة تدمير العراق ولا الاسف على اعدام الشهيد صدام بل العودة الى ما يشبه الخطة التي نفذتها امريكا في زمن كلنتون اي التدمير الهادئ الطويل النفس عبر حصار شامل مستمر حتى الوصول الى انهيار العراق ثم تقسيمه وبدون تدخل عسكري مباشر او كامل .
11-يريد اوباما ان ينفي تعمد امريكا اشعال الفتن الطائفية وتدمير العراق ونشوء الارهاب المتطرف ويوحي بانه حدث بصورة لم تكن امريكا على صلة بها ، وهذا الادعاء فج ومضلل لان من غزا العراق هو امريكا ومن وضع دستور المحاصصات الطائفية والعرقية هو امريكا وكانت تلك هي البذرة الاساسية في اشعال الفتن الطائفية وتدمير الاقتصاد وتفكيك الدولة العراقية وصعود الميليشيات لتكون بديلا عن الجيش الوطني وقوى الامن الوطنية وانشاء احزاب باعداد كبيرة جدا بهدف خلق تشرذمات ليس طائفية فقط بل على اسس عائلية ومناطقية وشخصية وهذه الاحزاب مولتها امريكا وزودتها بالصحف وكافة التسهيلات .
ليس هذا فقط فامريكا غذت وضخمت رسميا الميليشيات الطائفية والعرقية التابعة لاسرائيل الشرقية باعتبارها القوة الاساسية في تأسيس الحكومة والجيش وقوى الامن ولم تنشأ قوتها عفويا ابدا ولا لعبت دورها التدميري بعيدا عن المخطط الامريكي كما يريد اوباما ان يوحي ، ولئن كانت اسرائيل الشرقية هي التي اسست الميليشيات فان امريكا هي التي رعتها ونمتها ووفرت لها غطاء رسميا للعمل ، وكانت فترة الاحتلال الامريكي بين عامي 2003 و2011 هي الفترة التي زرعت فيها البذور الاساسية وبتخطيط واضح لكافة الكوارث التي حلت بالعراق .
واختتمت امريكا تعمدها نشر الفوضى والحروب الاهلية والفتن بتسليم العراق الى اسرائيل الشرقية التي وصفها اوباما بانها راعية الارهاب ! فكيف تسلم امريكا العراق لدولة ترعى الارهاب دون ان تكون شريكا لها ؟ هل كان كل ذلك غائبا عن ذاكرة اوباما ؟ ام انه اراد مواصلة تضليل الشعب الامريكي بفكرة ان امريكا غير مسؤولة عن كل ما حصل ويحصل للعراق رغم اعترافه بخطأ الغزو ؟
اوباما كأي رئيس امريكي لا يريد الاعتراف بارتكاب جرائم بشعة ضد الانسانية مباشرة وانما هدفه هو القاء اللوم على اخرين وتبرئة امريكا من الجرائم الكبرى والاعتراف بجزء بسيط هو ارتكاب خطأ الغزو ! ولكن الرأي العام في العراق والوطن العربي يعرف بوضوح ان امريكا واسرائيل الشرقية هما الطرفان اللذان خططا ونفذا عملية التدمير التدريجي للعراق ودفعه نحو ابادات سكانية ملايينية وتهجير سكاني ملاييني ايضا وتعذيب كل ابناء العراق طوال مدة الغزو بسبب الغياب المتعمد والمخطط للخدمات والامن وتلويث البيئة بتعمد ايضا لقتل اكبر عدد ممكن من العراقيين ، والاخطر تشويه الجينات العراقية وولادة اجيال مشوهة جينيا ومصابة بانواع خطيرة من الامراض وسيستمر ذلك لالاف السنين !
بوضوح وبلا اي اوهام امريكا هي من خططت لكل ما جرى ويجري في العراق من كوارث غير مسبوقة وهي التي اختارت اسرائيل الشرقية شريكا اساسيا لها في خطة تدمير العراق لانها تعرف ايضا بان النخب الفارسية تستبطن احقادا على العرب لا نظير لها ولا تعادلها احقاد اي طرف اخر اضافة لمطامعها في ارض ومياه العراق وثرواته وموقعه .
12- يتحدث اوباما عن (تعزز الوضع الستراتيجي لايران بفعل إزالة عدوها قديم العهد صدام حسين ) ويصوره على انه حصل ضد رغبات امريكا !!! ولئن كنا وضحنا كيفية تمكين امريكا لاسرائيل الشرقية من السيطرة على العراق ، وهو ما يدحض بسهولة منطق اوباما ، فاننا بأزاء حقيقة اكبر واخطر وهي ان امريكا وليس غيرها هي من (عزز الوضع الستراتيجي لايران ) ايضا في سوريا واليمن والبحرين ولبنان وغيرها ! اوباما يتناسى ان من سلم العراق الى اسرائيل الشرقية هو امريكا في عهد سلفه وانه هو بالذات من وافق واكمل عملية تسليم اسرائيل الشرقية العراق ودعمها بصورة كاملة في خطوات تدميره وتهجير شعبه وتغيير هويته وقمع ثورته المسلحة ضد الغزو الايراني منذ عام 2014 وحتى الان ، فالقوات الامريكية هي التي تدعم النظام الموالي لايران وتقف ضد مطاليب الشعب العراقي المشروعة وهي التي توفر غطاء جويا للميليشيات الطائفية لتقتل وتهجر وتغير التركيبة السكانية للعراق .
اوباما واكثر من بوش الصغير انتقل من دعم التوسع الاستعماري الفارسي في العراق ، وهو ما قام به بوش واكمله هو ، الى تعزيز دعم الموقف الايراني في كافة الاقطار العربية التي تواجه مشكلة الغزو الايراني المباشر كسوريا واليمن او غير المباشر مثل لبنان والبحرين . فلو دققنا مواقف امريكا في هذه الاقطار سنجد وبلا اي غموض ان امريكا تطبق سياسة مستنسخة من الموقف الايراني وبالكامل ! في سوريا وبعد او ورطت اطراف في المعارضة ودول اقليمية وعربية في تبني مطلب اسقاط بشار ورفض قبوله طرفا في الحل تراجعت بسرعة وتبنت موقفا يقوم عل اعتباره جزء من الحل السوري ! اما اليمن فانها وعبر سفيرها ومبعوث الامم المتحدة السابق بن عمر قد سلمت صنعاء وكافة اليمن الى الحوثيين ! اي بتعبير اكثر دقة الى اسرائيل الشرقية ! فهل هذه حقائق مخفية ام انها واضحة كوضوح الشمس ؟
13- هل يأسف اوباما لابادة ملايين العراقيين ام انه يحزن لمقتل الامريكيين فقط ؟ انه يدعم ما قامت به ادارة بوش الصغير واسفه على الضحايا الامريكيين فقط ، ولهذا يشير بصورة عابرة الى الضحايا العراقيين للغزو !!! وهذا موقف معروف لان امريكا وهي تغزو تعرف ان الابادة للالاف ، وربما للملايين ، ستقع لا محالة فهي مسبقا قررت القتل والابادة كجزء من الحل الذي تريده ووضعته مسبقا . هنا نرى الطابع العنصري لاوباما فالامريكي بالنسبة له يمتلك قيمة وحق حياة وبقية الحقوق اما العراقي فانه مخلوق يمكن قتل والملايين منه دون تردد ومع اصرار على رفض محاسبة من قتل وعذب ورفض التعويضات للضحايا !
في ضوء الملاحطات السابقة كيف نفهم ما قاله اوباما حول غزو العراق ؟ هل ما روج من انه موقف ايجابي صحيح ؟ عموما وقبل تناول التفاصيل نؤكد بلا اي تردد بان هذا التفسير عبارة عن توهم ناتج اما عن الجهل بقواعد عمل الساسة الامريكيين او انه ثمرة محاولة لتضليل الرأي العام العربي ودفع البعض لتقبل فرضية مسمومة وهي ان التعاون مع امريكا ضد اسرائيل الشرقية قد اصبح ممكنا وان هذا التعاون مقدمة لتغييرات منتظرة .
ومن الضروري اخذ ما يلي بنظر الاعتبار :
1-الهدف الاساس لتصريحات اوباما ليس التخلي عن الغزو وتعويض الضحايا وهم شعب كامل ، بل دعم خطته بدفع الكونغرس للموافقة على الاتفاقية النووية مع اسرائيل الشرقية ، فبالمتاجرة بالكوارث التي احدثتها امريكا في العراق يريد اوباما ان يمرر الاتفاقية النووية في انذار واضح للونغرس الامريكي يقول بانك اذا لم توافق على الاتفاقية فانك ستدفع مالا من حصتك وسوف يقتل اقاربك في اي حرب قد تقع مع اسرائيل الشرقية .
وهنا يظهر الانحطاط الاخلاقي للرئيس الامريكي : فهو يريد بالاعتراف بخطأ غزو العراق وما نتج عنه من اثار سلبية تسويق دعمه لايران التي ينتقدها بقوة ! انه انحطاط كامل وتجرد من اي مظهر من مظاهر الانسانية واحترام الحياة الانسانية ، ويصل الحال الى درجة الوقاحة حيث انه يريد ان تواصل اسرائيل الشرقية جرائمها في العراق وسوريا واليمن ولبنان والبحرين والسعودية وفي كل مكان عن طريق حل اكبر واخطر مشاكلها وهي مشكلة التراجع الخطر لمواردها وتزايد العجز عن مواصلة سياسة التوسع الامبريالي الفارسي في الوطن العربي بسبب العجز المالي ! لهذا فاخطر ما في الاتفاقية النووية هو ان المال الذي سيعطى لطهران سيوظف فورا لانهاء العجوزات الكبيرة في تمويل غزوات اسرائيل الشرقية في الوطن العربي وسوف تستمر عجلة الغزو الايراني بالدوران ولا تتوقف كما كان متوقعا قبل الاتفاقية !
2- لم يقصد اوباما اعادة الاعتبار داخل امريكا للرئيس الشهيد صدام حسين – علما ان الشهيد لا تحدد قيمته امريكا ولا غيرها بل شعبه - فذلك من سابع المستحيلات ولكنه اراد كسر معارضة الكونغرس لسياسته القائمة على مواصلة نشر الفوضى الهلاكة في الوطن العربي والمنطقة كلها ، وليس العكس ، ولهذا كانت المخابرات الامريكية تعمل بنشاط جنبا الى جنب مع اطلاق هذه التصريحات لترويج فكرة ان امريكا تريد حل ازمات العراق وسوريا واليمن ومنع اسرائيل الشرقية من مواصلة التوسع ، وهذا ايحاء خطير جدا لان امريكا لم تغير ستراتيجيتها .
3- لم يقصد اوباما تعويض العراق على ما وقع له من كوارث بسبب الخطأ الذي انتقده بل انه مجرد اعتراف احد اهم وظائفه جر العرب او بعضهم لاعادة الثقة التي فقدت بامريكا – المقصود من كان يثق بها - فهو يريد دفن الميت وانهاء مشكلته دون تعويض اهله ! فهو نقد مجاني ليس له نتائج ايجابية مباشرة على العراق وشعبه ، رغم ان الاعترافات هذه من رئيس امريكا تشكل اعترافا قانونيا بارتكاب جرائم ابادة شاملة وتدمير منظم لشعب ودولة وتعرض من بقي حيا لاكبر كوارث التهجير وسلب الهوية والتجويع والتلويث المبرمج للبيئة وهذه اعمال تفرض تعويضات بالاضافة لعقوبات اخرى !
المشكلة ان اوباما وهو يعترف يعرف ايضا انه لا توجد قوة في عالمنا قادرة على استخدام اعترافاته لمحاسبة امريكا واجبارها على دفع تعويضات لن تكفي كل موارد امريكا لتغطيتها حسابا على عدد شهداء العراق منذ عام 1991 وحتى الان والذي يتراوج بين ستة ملايين وثمانية ملايين عراقي ماتوا بسبب حرب امريكا المستمرة ضد العراق . فاذا اخدنا معيارا للتعويض التعويض الذي دفعه العراق لامريكا عن ضربه السفينة الحربية الامريكية ستارك اثناء الحرب مع اسرائيل الشرقية فان كل اموال امريكا لن تكفي لتعويض الشعب العراقي .
ولهذا فان التعويضات وهي الترجمة العملية للاعترافات غير ممكنة الا عندما تبرز ظروف جديدة في العالم توفر امكانية اجبار امريكا على دفعها ، فلنناضل اذن من اجل عراق حر ومستقل قوي ومتقدم وديمقراطي يستطيع انتزاع حقوقه .
Almukhtar44@gmail.com
9 -1-2015
تحويل كودإخفاء محول الأكواد الإبتساماتإخفاء