أحدث المواضيع

لماذا كان العراقيون يحبون بعضهم في زمن الرئيس صدام حسين ؟ ــ كلشان البياتي


كتب لي مواطن عربي يسألني :
العراقيون كانوا يحبون بعضهم ، عشت في العراق سبع سنوات ولمست هذا الحب بعيني ، في زمن الرئيس صدام حسين كان الحب والعلاقة الطيبة سائدة في المجتمع العراقي ، فماذا حدث؟
في زمن البعث ، كان العراقيون يحبون بعضهم ، يتسأل المواطن بنبرة حزينة ، من أين جاءت إليكم ثقافة الكراهية ونبذ الآخر ؟
كتبت له أنت واهم أخي ، مجتمعنا العراقي مازال نظيفاً ، وثقافة الحب مازالت سائدة ، نحن الشعب لا نكره بعضنا ، وليس بين أبناء الشعب الواحد أي خلافات ولا مشاكل ..
كل ماتسمعونه في وسائل الأعلام هي صناعة أمريكية –إيرانية وليست عراقية ..
بعد 2003 ، زجت أمريكا افراداً عاشوا في كنفها سنوات فغذتهم وأطعمتهم عادات وتقاليد وثقافة الكراهية والطائفية فجاءوا لنشرها في مجتمعنا العراقي النظيف النقي ..
ومثلما حاولت أمريكا تدمير المجتمع العراقي ، نشطت إيران هي الأخرى وأستخدمت أحزابها ورجالها ووسائل أعلامها ونشرت ثقافة الكراهية بين أبناء الشعب الواحد ..
الحكومة العراقية التي شكلت من أحزاب سياسية موالية لأيران عملت منذ توليها السلطة على تقسيم العراقيين وفق محاصصة طائفية فوزعت كل شي وفق طائفة ( صمون للشيعة ، صمون للسنة ) فأصبحت مؤسسات الدولة والمناصب الإدارية والجيش تدار وفق هذه المحاصصة ..
المدن أصبحت مقسمة وفق الطائفة المذهبية كما قسموا المناصب بينهم منصب للسنة ومنصب للشيعة ونائب سني ونائب إيزيدي . 
في عهد حزب البعث ، كانت هناك مؤسسات لدولة مدنيةّ حضرية ، تدارّ من قبل الدولة ، هناك وزير لكل مؤسسة يدير مؤسسته ويعمل تحت آمرته مجموعة موظفين عراقيين وعرب ، يعاملون على أساس الجهد المبذول والكفاءة ..
في عهد البعث ، الدين لا يزجّ في شؤون الدولة ورجل الدين مكانه في المسجد أو الجامع يؤوم الناس للصلاة والعبادة مثلما المدرس مكانه المدرسة والطبيب مكانه المستشفى ..
في عهد البعث ، العراق كان يدار من قبل عراقيين معروفين النسب والانتماء والثقافة ، لا يسمح لغريب أن يحشر انفه مثلما يحدث الآن .. يأتي قاسم السليماني من إيران ليملي آملاته ويصدر توجيهات وقرارات فضلاً عن قرارات حزب الدعوة المأخوذ من الدستور الإيراني والأنظمة الإيرانية أو يأتي أمريكي ليعطي أيعازات وقرارات لمسؤول عراقي ..

الدولة العراقية في عهد البعث كانت ذات سيادة ، تمارس سلطتها دون تدخل أية دولة أخرى أو أية جهة سياسية .. كانت الدولة لا تمسح للرجل الدين أن يحشر أنفه في شؤون الدولة ويحول مؤسسات الدولة إلى حسينيات وجوامع والنتيجة يضيع الدين وتفقد الدولة هيبتها ويفقد القانون قوته وينتهي مفعوله..
بعد 2003 ، عملت أمريكا على نشر الفوضى الخلاقّة في المجتمع ، وأصبح النظام حالة شاذة ..
وفي غمار هذه الفوضى ، ظل المجتمع العراقي محافظ على نسيجه الاجتماعي واحتفظ العراقي بأنسايته وثقافة الحب لديه رغم محاولات الأعلام العراقي الذي يدار من قبل أحزاب السلطة التابعة لأيران بأن هناك فتنة طائفية أو مذهبية أو خلافات بين أبناء الشعب الواحد والخلافات التي حدثت مؤخراً في قضاء طوز خورماتو خير مثال فهناك وضع أمني متأزم ناتج عن خلافات وصراعات سياسية حول أدارة القضاء .. الخلافات بين مليشيات تابعة للحكومة العراقية والحشد المشكل من قبلها وبين مليشية كردية تابعة لأقليم كردستان ولم يتدخل المواطن في هذه الصراعات رغم محاولاتهم زجه في أتون الصراع..
الوصف الدقيق لحالة العراقيين قبل الاحتلال أن النظام الحاكم آنذاك كان مثل الأب الذي يفرض سيطرته على بيته وأسرته ويحاول أن يستظلهم برعايته وينشر دفئه على جميع أفراد أسرته .. هكذا كان صدام حسين ، أب حنون لا يميز بين أبناء شعبه لا وفق طائفة ولا وفق مذهب ديني ولا وفق قومية أو عشيرة .. الكل أبناء بررة ، من يخدم أكثر ينال المحبة والجزاء ، ومن يتأخر ويتكاسل يناله النبذ والعقاب ..
لا تخن العراق هذا ما كان يريده صدام حسين من أبناء الشعب ولم يطلب أكثر فالخيانة الجريمة الوحيدة التي ليس لها علاج وهي مؤذية ومدمرة تلحق الأذى ليس بالفرد الواحد بل بكل أبناء الوطن أن جاوزت مداها ..
مازال العراقيون يحبون بعضهم ويتألمون لألأم بعضهم ومتى ماعاد ذلك الأب الحنون الذي يجمعهم تحت خيمته ، ستظهر هذه المحبة النقية الصافية وينتشر في الأفق ويعرف العالم برمته أن العراقيين يحبون بعضهم بعضاً لكن هناك غرباء دخلوا إلى بيوتهم وحاولوا أن يزرعوا الفتنة ويفهموا الآخرين بأنهم يحقدون على بعضهم البعض ، يسلخون جلود بعضهم ويشوون لحوم بعضهم ..

كاتبة وصحفية عراقية

شكرا لك ولمرورك