أحدث المواضيع

فئتان منبوذتان ــ الدكتور خضير المرشدي


في العراق اليوم فئتان منبوذتان من قبل الشعب ، هما الطائفية المتخلفة المتمثلة بالميليشيات التابعة لإيران ومنظماتها السرية وأحزابها الممسكة بالسلطة في العراق ، والسلفية التكفيرية المتطرفة المتمثّلة بتنظيمات القاعدة و( داعش ) وأمتداداتهما في الدول العربية الاخرى . هاتان الفئتان الارهابيتان الظلاميتان ظهرتا نتيجة الفراغ العسكري والأمني والسياسي بسبب ضرب وإجتثاث وإقصاء وحظر التيار الوطني القومي العربي الإنساني في العراق ، المتمثل بحزب البعث العربي الاشتراكي ، وحل الجيش والاجهزة الأمنية الوطنية ، ولهذا فإن إنحسار وهزيمة هذين التيارين الإرهابيين الفاسدين بشكل كامل ونهائي ، مرهون بعودة هذا التيار ونهضته ورفع الاجتثاث والحظر عنه ، ومن هنا تأتي أهمية أن تنطلق حملة وطنية عراقية بدعم عربي ودولي واسع لرفع الاجتثاث والحظر عن البعث بإعتبار ذلك قضية وطن وأمة ودفاع عن الانسانية ضد قوى الفتنة والارهاب ، وليست مشكلة حزب فحسب ، وبما يشكل البداية الصحيحة لأية حلول شاملة لقضية العراق وإعادة بناءه وتأمين مصالح جميع الدول في هذه المنطقة المهمة من العالم .
الفئة الاولى ( داعش ) منشؤها وعقيدتها ، مثلما أوضح ذلك الرفيق المناضل عزة ابراهيم أمين عام حزب البعث العربي الاشتراكي برسالته الى عدد من الاعلاميين العراقيين والعرب ، هو الفكر الديني السُّني السلفي التكفيري وحاضنتها الفكرية والعقائدية والبشرية كل الدول والاحزاب الدينية والحركات والتيارات السلفية السنّية التكفيرية في العالم ، وتحصل على الدعم من هذه الجهات وهي وريثة تنظيم القاعدة الإرهابي المتطرف وأشد فتكاً منه . 
- وإن من بين أهداف ( داعش ) تدمير وتخريب كل ما تحقق من تقدم وتطور ونهوض في البلدان العربية والعالم ، وتدمير وسحق كل عوامل وأسباب النهضة الحديثة والتحرر والوحدة واعادة البشرية الى عصور الفوضى والاحتراب والتخلف .
- وعلى مستوى العراق والامة العربية ، فإن من بين أهداف هذا التنظيم الإرهابي ، وبل على رأس أهدافه هو محاربة القوى الوطنية والقومية والاسلامية المعتدلة وفي مقدمتها حزب البعث العربي الاشتراكي ، فهو يُكفّر البعثيين ويقتلهم ، ويُكفّر الوطنيين ويكرهْ الوطنية ، ويُكفّر القوميين ويَلعنْ القومية العربية ، ويُكفّر الانسانيين ويحارب الانسانية ، لا يعترف بديمقراطية أو حرية أو حقوق الانسان ، ولا يؤمن بتقدم أو تطور أو تحضر ، داعش فئة ظالة ظلامية مجرمة تسعى لأن تعود بالأمتين العربية والاسلامية الى عصور ما قبل التاريخ وليس الى العصور المظلمة فحسب ، جَاءَت لتشويه صورة العروبة والإسلام ، إسلام الحق والمحبة والعدل والرسالة السمحاء .


أما الحديث عن المصدر الآخر للارهاب الذي تمثله فئة الميليشيات والعصابات الطائفية المسلحة المرتبطة بإيران من جهة وسلطة الاحتلال الجاثمة في بغداد من جهة أخرى ، فإنه بإختصار يشكل الوجه البشع من المأساة التي يمر بها العراق اليوم .
إن عدد كبير من هذه الميليشيات بكل مسمياتها القديمة والحديثة والتي بلغت اكثر من مئة ميليشيا مسلحة ، قد قاتل ضد الجيش العراقي لصالح إيران في الحرب العراقية الإيرانية في ثمانينيات القرن الماضي ، واقسم قادتها ومقاتليها بالولاء المطلق لإيران ( والولي الفقيه ) ، كما وأقسموا على تنفيذ مشروع إيران في العراق والمنطقة ، وهو النظير الحقيقي لمشروع داعش والقاعدة . إن منتسبي هذه الميليشيات لايمكن أن نسميهم عراقيون ، لأنهم قد انسلخوا عن عراقيتهم وإنتماءهم الوطني واصبحوا جزء من الشعب الايراني يدينون له بالولاء والطاعة وهم اليوم يتحكمون في مسار العملية السياسية وحكومتها وبرلمانها وقضائها وإعلامها وجيشها وأجهزتها الامنية لتنفيذ المشروع الايراني الاستيطاني الطائفي التدميري المتطرف في العراق والدول العربية الاخرى .
- إن أكثر من ٩٠ ٪ من المتطوعين في الحشد الشعبي بعد فتوى ( السيستاني ) هم من المنتمين الى اطراف مايسمى التحالف ( الوطني ) ومن منتسبي هذه الميليشيات التي يقودها ضباط ايرانيون من فيلق القدس والحرس الثوري أو من العراقيين المنتمين لهذا الفيلق . 
- إن هذه الميليشيات تستخدم سياسة الارض المحروقة ضد الشعب العراقي وقواه الوطنية والقومية والإسلامية المعتدلة ، فكل من يعارض السلطة الفاسدة يُقتل وتستخدم معه أقسى درجات القسوة والارهاب لخلق حالة من الرعب والهلع والصدمة ، وتهجير من لم يتمكنوا من قتله ، هذا الاسلوب يتناسب مع أهدافهم في إخضاع الناس لتغيير مذاهبهم وللالتحاق بمشروع إيران الذي يهدف لإبتلاع العراق ودمجه بإمبراطوريتهم التي يعلنون عنها ومشروعهم التوسعي في الشرق الأوسط . 
وإن ما حصل في ديالى وقبلها في صلاح الدين ومناطق أخرى ، وما يقوم به الحرس الثوري الايراني بالسيطرة على المدن وباعترافهم الرسمي حيث أدخلوا قوة عسكرية قوامها اكثر من ( ١٢٠٠٠) مقاتل لازالت منتشرة في ديالى وسامراء وبيجي وحزام بغداد وضواحيها ، وما تؤديه الميليشيات من دور في القتل والنهب والهدم والحرق ومنع عودة النازحين وتوطين موالين لايران بدلاً عنهم لإجراء التغيير الديمغرافي المطلوب ، إلاّ دليل قاطع على أهداف وتوجهات هذا المشروع .
فالحقيقة التي يجب التمسك بها هي إن إزاحة العملية السياسية وتغييرها بصورة شاملة وبكافة حبائلها ودسائسها وهياكلها ، هو الحل المتاح أمام قوى الشعب الوطنية المدنية والعسكرية التي لابد لها ان تتوحد على هذا الهدف الذي لابديل عنه من اجل الخلاص والعيش بحرية وكرامة .
شكرا لك ولمرورك