أحدث المواضيع

المهندس والوكيل التنفيذي للجرائم في العراق 1 ــ صلاح المختار


اذا كانت باريس قد أستحقت دقيقة صمت واحدة فبغداد تستحق أن يخرس العالم للأبد
اعتذر لعدم معرفة القائل 
الجريمة البالغة البشاعة التي ارتكبت ضد ابناء العراق في الكرادة والتي استشهد من جراءها اكثر من مائتي عراقي وجرح المئات تؤكد الحقيقة الابرز في عراق ما بعد الاحتلال وهي ان من ينفذ خطة تقسيم العراق ومن وضعها هما المسؤولان عن ذلك ، فمن هما ؟ كما ان تنفيذ اعمال اجرامية تتكرر باستمرار منذ سنوات ولم تتوقف عمل يقوم به طرف او اطراف تمتلك قدرات هائلة فنية وبشرية ومالية وحكومية او مخابراتية تمكنها من تنفيذ تلك الجرائم فمن هي تلك الاطراف ؟ ولكي لا نتوقف عند حدود الشكوك ونحدد المجرم الحقيقي مستبعدين اتهام طرف اخر برئ يراد تحميله مسؤولية الجريمة لاشعال فتنة طائفية علينا البحث في كافة اوجه هذه الجريمة المروعة .
ما لم نتذكر اصل المشكلة في العراق وبقية الاقطار العربية ونربط ما يجري به لن نصل الى فهم صحيح وسنبقى اسرى توقعات انفعالية وجزئية ، والاصل هو ان هناك مخططا امريكيا صهيونيا قديما متجددا يقوم على تقسيم العراق والاقطار العربية كان المحفز الرئيس لغزو العراق وتوكيل اسرائيل الشرقية لتنفيذ الاجزاء الاكثر خطورة منه خصوصا نشر الارهاب الدموي الجماعي ، عندما نربط ما يحدث الان بتلك الحقيقة نفتح الابواب واسعة لرؤية ما وراءها ونكتشف الفاعل الحقيقي وما يريده . وما جرى في الفلوجة ومدن انبارية اخرى مؤخرا يقع في هذا الاطار المرسوم وجاءت جريمة تفجيرات الكرادة لتؤكد ان ما يجري ليس اعمالا ارهابية عادية فكيف ننظر الى ما جرى في الكرادة ؟
1-ان الخطيئة الاكبر التي يرتكبها اي عراقي او عربي عموما هي تصور ان امريكا تفكر مثلنا فتضع خطة ما وتتخلى عنها غدا او بعده ، من يريد تجنب الوقوع في فخ التجهيل المتعمد عليه تذكر احدى اهم حقائق امريكا وهي ان القرارات التأسيسية او الستراتيجية لا يصنعها الرئيس ولا الكونغرس فهما عبارة عن ادوات تنفيذية ، ومن يقوم بذلك الطغمة الحاكمة فعلا وهي ملاك الشركات الكبرى الذين اسسوا منظمات شبه سرية لحكم العالم وتحت امرتها مراكز بحوث تضم نخبة من الخبراء والمتخصصين مثل كيسنجر وبريجنسكي يقترحون الخطط البعيدة المدى (ربع قرن على الاقل ) وعندما تتبنى المنظمات السرية والتي تشمل اسماء مثل ( لجنة بيلدربيرغ ) و (اللجنة الثلاثية ) وغيرهما خطة ما تصبح ستراتيجية ملزمة للرئيس الامريكي والكونغرس والاعلام وللاجهزة الامريكية المتخصصة . لهذا فان الرئيس ينفذ الجزء الخاص بفترته فقط ويرحل ليأتي رئيس اخر يكمل تنفيذ بنود الستراتيجية ولا يستطيع تغيير تلك الستراتيجية واذا حاول تتم تصفيته بالحرق كما حصل لنيكسون او الاغتيال كما حصل لكندي . اذا لم نتذكر ذلك سنقع في فخاخ اقلها خطورة فخ الحشرات الامريكية المتقاعدة والتي تدعي انها تملك صلات مع صناع القرار فتخدع السذج وتمتص مالهم تحت وعد تغيير المواقف . 
2-وبناء عليه فان ادعاء البعض بان هناك مخططا امريكيا لانقاذ العراق وطرد اسرائيل الشرقية او ان امريكا غيرت سياستها وانها تريد اعادة بناء عراق فدرالي ديمقراطي هي محض اكاذيب هدفها تخدير السذج وتوريطهم بمبادرات تحت المظلة الامريكية الهدف منها سرقة الوقت لاجل اكمال باقي مخطط تقسيم العراق . او ان الهدف هو تغطية مبادرات البعض المتخفية تحت اسماء (الانقاذ الوطني) او (الحل الوطني لازمة العراق) ، فمن دون الادعاء بان امريكا تريد مساعدة العراق لا يمكن قبول دورها ودعمها لنغولها ولا توريط من يتطلع بشغف لتخليص العراق من كارثته . هذه المشاريع مجرد اساليب خداع وضعت اما لكسب عراقيين او لتمرير مخططات تقسيمه تحت غطاء الفدرالية او الاقليم لسبب بسيط هو ان الرئيس والكونغرس لا يستطيعان تغيير الستراتيجية المعتمدة لانها من اختصاص من يحكم فعلا وليس من ينفذ والرئيس عبارة عن مدير تنفيذي طبقا للدستور الامريكي .
3-ومن المهم جدا تذكر واحدة من اهم حقائق القانون الدولي الخاص بالاحتلال وهي ان امريكا مسؤولة مباشرة عن كل ما يجري في العراق منذ احتلاله وحتى الان ، فالدولة التي تحتل بلدا ما يجب ان تقوم بتطبيق القوانين ومنع خرق حقوق الناس وتهديد حياتهم ، ولا يغير من هذه الحقيقة الانسحاب العسكري الامريكي وتسليم العراق الى اسرائيل الشرقية ونغولها في عام 2011 لان هناك اتفاقة امنية وقعت بين حكومة المالكي وامريكا فيها نصوص صريحة تلزم امريكا بمنع الارهاب واي تهديد للعراق ولهذا فان اي عملية ارهابية وايا كان من يقوم بها تتحمل امريكا اولا مسؤولية منعها او معاقبة من قام بها ، وهذا طبعا يفرض تحقيقا امريكا نزيها للوصول الى الفاعل الحقيقي وليس ترك الامر بلا تدخل او بدون كشف الحقائق كما تفعل الادارة الامريكية منذ عام 2011 وحتى الان في مسعى صريح لتشجيع الارهاب وعدم منعه او اعاقته بل تتعمد امريكا توسيع نطاق الكوارث لنواجه جرائم ابادة جماعية تتصاعد وتتكرر في كل محافظة عراقية ومنها جريمة الفلوجة وجريمة الكرادة .
4-لنتذكر ان امريكا وان سحبت اغلب قواتها الا انها بقيت مسيطرة فعليا بواسطة مخابراتها ومن اعدتهم من الجيش الجكومي قبل الانسحاب كما انها ، وهذا هو الاهم ، تملك القدرات العسكرية والتكنولوجية لتحطيم اي قوة مسلحة في العراق ، او على الاقل لمنعها من تحقيق تغيير حقيقي او عرقلته وحسب الحالات لو ارادت وحتى لو لم يكن لديها وجود مخابراتي او عسكري داخل العراق والدليل هو ما فعلته منذ عام 1991 بالقصف الجوي والصاروخي الذي دمر الاقتصاد وقطعات عسكرية مهمة ونشر الارباك والفقر في فترة الحصار .
فاذا كانت امريكا قد نجحت في اضعاف دولة قوية كانت وباعتراف العالم القوة العظمى الاقليمية الاهم اي العراق وهي خارجه وقبل احتلاله فهل هي عاجزة عن قصف تجمعات علنية ومكشوفة لميليشيات وعصابات تكفيرية سنية وشيعية تعيث في الارض فسادا وتهدم الامن والامان وتشرد الملايين وتقتل المئات شهريا ؟ امريكا تملك القدرة على شل الميليشيات وتدمير اغلب قواها خصوصا وان شعب العراق لم يعد يتحمل جرائم تلك الميليشيات ومستعد للتطوع بالالاف للقضاء عليها جذريا ، لكن امريكا ترفض ذلك لان خطتها في حاجة ماسة لوجود الميليشيات السنية والشيعية وقيامها بدور الجلاد الذي لا يرحم من اجل التقدم خطوات نحو الهدف الكبير والاصلي .
5-ويكفي التذكير بان داعش مثلا كانت ومازالت تتحرك علنا في الصحراء المكشوفة بارتال ضخمة وهي اهداف بالغة السهولة للقصف الجوي والصاروخي او للطائرات المسيرة وبدون طيار كما فعلت وتفعل في افغانستان واليمن وغيرهما لكنها لا تفعل لان الميليشيات الارهابية تقدم لها خدمات كبيرة اهمها اضعاف فصائل المقاومة العراقية الحقيقية والتفتيت الدوري والمتصاعد للدولة والمجتمع ولمعنويات الناس لاجل اجبارهم على قبول ما كانوا يرفضونه باصرار مثل تقسيم العراق او قبول الفدرالية او الاقاليم . ولهذا فان هناك رابطا مباشرا وقويا بين استمرار رفض الشعب لتلك الحلول الامريكية وبين مواصلة الارهاب الدموي وزيادة كوارثه من اجل اجبار بعض الناس على التراجع وقبول حل كانوا يرفضونه .
6-وليس ممكنا تجاهل الربط المباشر بين تفجر انتفاضة جنوب العراق ضد اسرائيل الشرقية ونغولها والتي توجت بتمزيق صور خامنئي وخميني والهتاف ضدها والمطالبة بخروجها من العراق وبين تصعيد الارهاب ضد العراقيين فكل التفجيرات التي حصلت وجهت للعراقيين في الجنوب والوسط فهنا يقتل شيعة العراق بالعشرات يوميا وهناك يقتل سنة العراق بالعشرات يوميا . 
7-ان تفجيرات الكرادة يجب ان تفهم في هذا الاطار وليس خارجه تماما مثلما يجب ان نفهم ان تدمير الفلوجة ومحيطها بشرا وعمرانا وبقسوة لا حدود لها متعمدة امريكيا بالدرجة الاولى ليس فقط انتقاما من الفلوجة التي اذلت امريكا بل ايضا تصعيدا للفتنة الطائفية وربطا بين ما جرى في الفلوجة وبين الارهاب الدموي للحشد الصفوي .فامريكا وهي تدعم الحشد الصفوي رسميا رغم اعلانها انها لن تدعم القوات الحكومية اذا شارك الحشد الصفوي في المعارك تريد تعميق الجروح بين العراقيين بتأليب السنة ضد الشيعة . وجريمة الكرادة جاءت تكملة لابد منها لجريمة الفلوجة . 
ففي الفلوجة زادت الاحقاد العراقية على الحشد الصفوي وهذا ما تريده امريكا بشدة وفي جريمة الكرادة كان مطلوبا اظهار الاحقاد على السنة ودفع اطراف معينة لمهاجمتهم وقتلهم لكن اصاله اهل الكرادة النجباء جعلت غالبيتهم الساحقة توجه الاتهام للحكومة مباشرة وشتم كل جاء بهم الاحتلال والاشادة بالنظام الوطني وبالقائد الشهيد صدام حسين من قبل اهل الضحايا في الكرادة ، وهذا دليل ساطع على ان انتفاضة الوسط والجنوب تعبير دقيق عن اللحمة العراقية التي لم تتأثر رغم جرائم الحشد الصفوي وداعش . ان الترحم على القائد الشهيد مرة اخرى بعد جريمة الكرادة والتذكير بفضائل النظام الوطني الذي اسقطه الغزو دليل اخر ويتكرر منذ سنوات على ان شعب العراق واحد وغير قابل للتقسيم على اسس طائفية او عرقية وانه شعب عرف من هم ابناءه الاصلاء القادرين على انقاذه وحمايته كما فعلوا قبل الغزو وهذا من اكبر انجازات شعب العراق .
8- احداث العراق وبقية الاقطار العربية خصوصا سوريا تؤكد وبلا اي شك بان امريكا هي المهندس الرئيس لكوارثنا وان اسرائيل الشرقية هي الوكيل التنفيذي لخطط الصهيونية الامريكية لانها اصلا لديها خطط اقدم من خطط امريكا بقرون طويلة ولكنها وجدت في فرصتها التاريخية في تبني امريكا لخطة الصهيونية وسخرت ما تملكه من نغول داخل الاقطار العربية لتنفيذ مخطط صهيوامريكي يشبه مخططاتها الاقدم .
هنا اكتملت شروط اشعال الفتن الدموية وتحقيق الكوارث غير المسبوقة : فقدرات الصهيونية الامريكية مثل جيوشها ومخابراتها والتكنولوجيا المتطورة وثرائها ونغول الغرب اذا اضيفت لقدرات اسرائيل الشرقية خصوصا ما تنفرد به وهو نغولها العرب او ذوي الاصول الايرانية في الاقطار ، وبذلك تتوفرت شروط اشعال فتن واحداث كوارث غير مسبوقة في الوطن العربي عن طريق ميليشيات تابعة لايران لكنها مدعومة من قبل امريكا والكيان الصهيوني تتولى تحقيق هدف مهمة اشعال الفتن الطائفية والحروب الاهلية . 
امريكا اذن هي المهندس لكوارثنا وايران هي الوكيل التنفيذي في هذه الحالة لكنها وكيل اخطر من الاصيل المهندس فلو لم تتوفر ادوات بشرية لتنفيذ مخطط الكوارث الطائفية – العنصرية لما حصل مانراه الان ، والفترة السابقة لوصول خميني للحكم تثبت هذه الحقيقة حيث ان الغرب والصهيونية فشلا في اشعال فتن داخلية طائفية بشكل خاص وفي شرذمة الجماهير وقواها السياسية نتيجة افتقارهما للعنصر البشري المطلوب لتنفيذ تلك الخطط ، وكل ما نجحتا فيه هو ازمات يمكن تحملها ولا تهدد الوحدة الوطنية ولا الهوية القومية ، لهذا فشل المخطط الصهيوني الاخطر وهو تقسيم الاقطار العربية . ولكن الامر تغير بعد وصول خميني حيث انه امتلك ميليشيات داخل العراق واقطار عربية اخرى منبثقة من جاليات ايرانية اكتسبت الجنسية العربية في العراق وغيره او من عرب لكنهم خدعوا بتقديم الانتماء الطائفي على الانتماءين الوطني والقومي .وهكذا وجد الغرب الاستعماري والصهيونية في خميني ضالته وافضل ادواته للتقسيم والشرذمة في الوطن العربي فاضافا منظمات اعدتها المخابرات الامريكية مسبقا تحت غطاء اسلامي زائف الى قدرات اسرائيل الشرقية فتوفرت ادوات اشعال الكوارث الرهيبة . يتبع .
Almukhtar44@gmail.com
7-5-2016
شكرا لك ولمرورك