أحدث المواضيع

أكاذيب تحيط بصدام حسين ــ سلام الشماع


سأقول في هذا المقال ما قد يرجمني عليه الساعون بكل وسيلة إلى شيطنة صدام حسين ونظامه، ويخرجونني من الملة، ولكني لابد أن أقوله لأني مقتنع به تماماً.

لا أظن أن شخصاً أحاطت به الأكاذيب واستهدفته، كما أحاطت واستهدفت رئيس النظام العراقي الراحل، في حياته وبعد إعدامه.
وسواء اتفقنا مع الرجل أم اختلفنا فنحن يجب أن نقول ما له وما عليه إذا أردنا أن نكون موضوعيين لنترك للأجيال اللاحقة حكماً عادلاً لا يستجلب ضحكها علينا، فمعايير اللاحقين لن نكون معاييرنا وحكمهم على الأشخاص والأشياء لن يكون حكمنا، ونظرتهم لن تكون نظرتنا.
من المعيب علينا أن نقول إن الرجل الذي حكم العراق وكان ظاهرة بين قادته وزعمائه لم يخطئ أبداً، لكن العيب الأكبر أن نصوره، جرياً وراء من شيطنوه، بأنه شر مطلق.
آخر الأكاذيب على الرجل ما نقله الكاتب حمزة عليوي في موضوع نشره له موقع ثقافي عراقي، قبل أيام، عنوانه (بيت السياب: تخَيٌّل حياة شاعر عظيم)، عن السيد "طالب عبد العزيز"، يصفه الكاتب بأنه خصيبي ابن مدينة الشاعر العراقي الأبرز بدر شاكر السياب في أبي الخصيب بالبصرة، ويقول إن طالب عبد العزيز "يتذكر، وهو يصب جام غضبه على طريقة ترميم بيت السياب من قبل مجلس محافظ البصرة، أن صدام، حاكم العراق السابق، رفض أن يرمم البيت؛ لأن صاحبه كان شيوعياً، ناسياً أن السياب نفسه، السياب لا غيره، قد أصبح في حزب الحاكم الذي رفض أن يرمم بيته، ولم يكن الحاكم بأمره، آنذاك، يعنيه من الموضوع كله سوى أمر واحد، أن لا ينشغل الناس، شعبه المفترض، بأحد آخر غيره، كانت "أناه" المتورمة تمنعه أن يسمح لآخر، كائناً من يكون، بالاقتراب من الضوء. فيما لم يزد ترميم البيت عند خصومه، حكام اليوم، عن كونه حجراً وضعوه في أفواه مثقفي البلاد، وهو مجرد حجر، كبيراً كان أم صغيراً".
وهذا قول مردود على قائله وعلى من نقله بلا تمحيص، وإذا كان صحيحاً أن السيد طالب عبد العزيز قال هذا، فإنه لابد أن يكون مصاباً بالنسيان، فهو كان يشهد الوفود الأدبية والصحفية التي كانت تشارك في المربد تضع باقات الزهور على تمثال السياب وتزور بيته في أبي الخصيب وقبره في مقبرة الحسن البصري، كما أن الفنان البصري نداء كاظم نحت تمثاله الشهير للشاعر بدر شاكر السياب في العام 1970، ونصب في السنة نفسها على شط العرب في البصرة، وبالنسبة لبيته، أنقل قول مستشار محافظ البصرة لشؤون السياحة والآثار هاشم محمد علي العزام، في تصريح صحفي، أن فكرة تطوير بيت السياب تعود إلى بداية الثمانينيات، عندما رممته هيئة الآثار والتراث، إلا أنه هدم وفقدت أبوابه وشبابيكه من جراء توغل الجيش في المنطقة خلال الحرب العراقية الإيرانية، مشيرا إلى أن وزارة الثقافة بدأت في العام 2002 (أي قبل احتلال العراق بسنة) بإعادة تأهيل البيت، لكن المشروع توقف في 2003، قبل أن ينجز بسبب نشوب الحرب الأمريكية، ثم تعرض للنهب والتخريب.
وترميم العام 2002، هو الترميم الثاني للبيت، والأول جرى في ثمانينيات القرن الماضي، حين كان صدام حسين الرجل الأول في البلاد، فمتى (رفض أن يرمم البيت، لأن صاحبه كان شيوعياً)؟
أليس في هذا القول استخفافاً بالتاريخ وبعقول البشر؟ وبعد هذا كله هل كان صدام حسين مدير بلدية أبي الخصيب ليمنع ترميم بيت السياب؟
ولم تنج شخصية صدام حسين من أكاذيب أخرى مثل قصة الفتاة المقيمة في ألمانيا التي تسمى "نانا صدام" التي زعمت أنها ابنته، مدعية باحتفاظها بمستندات تؤكد أن صدام حسين هو والدها الشرعي.
وليس بعيداً ما أشيع بأن الرجل كان يمتلك أسلحة دمار شامل وأن له بأسامة بن لادن علاقة تنسيق وتعاون، ثم أعلن مروجو هذه الأقوال كذبها بأنفسهم، وذكرت جريدة الواشنطن بوست الأمريكية، في تعليقها على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوربي، مؤخراً، أن نظام صدام حسين كان ضمانة المنطقة والعالم، وبإزالته حدث الزلزال الذي مازال مستمراً.
وهناك من ادعى أن صدام حسين حكم عليه بالإعدام، وبالغ أحدهم بزعمه أن صداماً حكم عليه بالإعدام مرتين، وإذا هم أحياء يرزقون يكتبون لنا مزاعمهم مع أن المفروض أن يكونوا الآن تحت التراب!!
وليست قليلة أيضاً المزاعم التي تقول ببقائه حياً بعد إعدامه، وأن من أعدم هو شبيهه، ولو عددنا الأكاذيب التي أحاطت بالرجل حال حياته وبعد إعدامه لصارت مجلدات لا مقالة في جريدة.

أقول: آن الأوان لننصف الرجل ونعطيه ما له وما عليه لنترك لأجيالنا اللاحقة حقائق لا أكاذيب ووقائع لا افتراءات اقتضتها أهواء السياسة والسياسيين .
شكرا لك ولمرورك