حزب البعث العربي الاشتراكي
القيادة القومية
أمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة
وحدة - حرية - اشتراكية
بيان القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي على إثر الإجتماع الدوري
القيادة القومية
الأمة العربية تنبعث مجدداً من خلال انتفاضات الجماهير.
لإعطاء التحولات الديمقراطية مساحة أوسع في النضال العربي.
لا لصفقة القرن ولا للتطبيع مع العدو الصهيوني ونعم لتصعيد المقاومة.
أكدت القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي، أن الأمة العربية تقف على عتبه انبعاث متجدد من خلال انتفاضه جماهيرها، ودعت إلى إعطاء التحولات الديمقراطية مساحة أوسع في النضال العربي، وإلى مقاومة كل أشكال الاحتلال الأجنبي للأرض العربية ورفض صفقة القرن وإجراءات التطبيع. جاء ذلك في بيان القيادة القومية هذا نصه:
تحل الذكرى الثانية والستين لقيام أول وحدة بين قطرين عربيين والأمة العربية تمر بمرحلة مفصلية في تاريخها المعاصر مع ارتفاع منسوب التآمر والعدوان الإقليمي والدولي عليها ،حيث أتى الإعلان الأمريكي بطرح “صفقة القرن” كمشروع حل لما يسمى بأزمة الشرق الأوسط ليدفع الصراع إلى مرحلة جديدة من المواجهة بين الأمة العربية وأعدائها المتعددي المشارب والمواقع.
إن هذه الصفقة بكل ما تنطوي عليها من مضامين وأبعاد، تم توقيت إعلانها بعد قرن على وعد بلفور، و على احتلال القوات البريطانية للقدس، وإعلان الجنرال اللنبي في السادس من كانون الأول 1917 “الآن انتهت الحروب الصليبية”.
و كما تعرضت الأمة العربية على مدى قرن من هذا الزمن لعدوان متعدد الأشكال، من “سايكس بيكو إلى اغتصاب فلسطين”، ومن إعلان مبدأ ايزنهاور الذي برر التدخل الأمريكي في المنطقة بضرورة ملء الفراغ، إلى العدوان الثلاثي على مصر وقيام حلف بغداد وصولاً إلى عدوان حزيران الذي أوقع كامل فلسطين وأرضٍ عربية أخرى تحت الاحتلال الصهيوني، فإن هذه العدوانية لم تتوقف عند هذا الحد، بل نحت مساراً جديداً بعد حصول التغيير السياسي في إيران وسيطرة الملالي على نظام الحكم فيها الذي لم يتأخر طويلاً بإعلان الحرب على العروبة انطلاقاً من بوابه العراق تحت عنوان ما أسماه تصدير الثورة.
ولما لم يستطع النظام الإيراني تحقيق أهدافه من جراء الحرب التي فرضها على العراق، بل خرج منها مهزوماً، تقدمت الولايات المتحدة الأمريكية لتبدأ تحضير مواجهة مفتوحة مع العراق بعد خروجه من الحرب أكثر قوة واقتداراً، مبتدئة بإجراءات الحصار الاقتصادي والتحشيد الدولي لشن الحرب عليه بعدوان ثلاثيني ومن ثم حصار اقتصادي وانتهاءً بالغزو الذي أوقع العراق تحت الاحتلال بعد إطلاق مبررات ومزاعم كاذبة وباعتراف أمريكي لاحقاً.
لقد أدى احتلال العراق وإسقاط نظامه الوطني إلى انكشاف الأمة أمام المشاريع المهددة للأمن القومي، وتقدم المشروع الفارسي ليشكل رديفاً موضوعياً للمشروع الصهيوني، من جراء تغوله في الواقع العربي الذي يدفع باتجاه تفكيك البنى المجتمعية العربية المترافق مع ارتفاع منسوب الخطاب الطائفي والمذهبي الذي حملته قوى مارست وتمارس كل أشكال التخريب والتدمير البنيوي للمجتمع العربي، وحيث تبين بالحس والملموس، إن هذه القوى هي منتج (أميركي –إيراني) بعنوانيه “الداعشي والحشدي” وكل من تماه معهما من تشكيلات ميليشياوية طائفية تعمل بتوجيه من مراكز التحكم والتوجيه الإيراني، وصولاً إلى خلق وقائع تدفع نحو المزيد من تقسيم المقسم على المستوى الكياني وتفتيت المفتت على المستوى المجتمعي ولأجل إجهاض التحولات الإيجابية التي أفرزها النضال العربي، وإضعاف عناصر المناعة العربية في مواجهه عدوان الخارج وأمراض وتخريب قوى الداخل.
وعليه فإن القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي وفي ضوء ما تتعرض له الأمة العربية من استفراس الهجمة المعادية عليها بهدف إيجاد أرضية لإعادة تشكيل ما يسمى بنظام إقليمي تحت مسمى “الشرق الأوسط الجديد” وجعل الكيان الصهيوني والموقعين الإيراني والتركي من مكوناته الأساسية وعلى حساب الموقع القومي العربي ترى وتؤكد على ما يلي:
أولاً: إن القوى المعادية التي استطاعت أن تحقق مكاسب سياسية واقتصادية واختراقات أمنية، وإقامة قواعد عسكرية على أرض العديد من الأقطار لم يكن بسبب ما تملك هذه القوى من إمكانات في ظل موازين القوى السائدة وحسب، بل أيضاً بسبب خضوع بعض الأنظمة العربية للابتزاز الأمريكي، ومقايضة توفير مظلة الحماية الأجنبية مقابل دفوعات مالية، كما بارتباط بعض النظم العربية بمواقع إقليمية ونسج علاقات تحالفية معها، بحيث أدى ذلك إلى تأمين متكآت عربيه لقوى العدوان الدولي والإقليمي راحت توظف ذلك لمصلحة مصالحها ومشاريعها وحفظ أدوار لها في مخرجات الحلول السياسية في الأقطار التي تعرضت للاحتلال أو تلك التي تنوء تحت أزمات بنيوية كحال العراق وسوريا واليمن وليبيا ولبنان.
وعلى هذا الأساس فان الأطراف و القوى العربية من كان منها في مواقع السلطة أو خارجها والتي سهلت أو وفرت ممرات عبور للقوى المعادية إلى الداخل القومي، إنما تتحمل مسؤوليه أساسية فيما آلت إليه الأوضاع العربية وبالتالي فإن المصلحة القومية تقتضي محاسبتها على الدور الذي لعبته في تمكين القوى المعادية من غرز مخالبها في البنية القومية، وهو الذي أدى إلى إنتاج قضايا قومية مركزية جديدة إضافة إلى المركزية التاريخية للقضية الفلسطينية.
وعليه فإن القيادة القومية للحزب، ترى أن كل من احتل أرضاً عربية هو عدو قومي للأمة، وكل من يخرب في بنى المجتمع العربي ويعمل على إضعاف عُرى تماسكه هو عدو قومي للأمة، وكل من يستغل الجماهير ويمارس سياسة الفساد والنهب للمال العام ويبدد الثروة الوطنية للشعب في غير مجالات التنمية والتوظيف الوطني هو مدمر للبنية الوطنية والمجتمعية وهو يندرج ضمن اصطفاف أعداء الأمة، ولهذا فإن الحزب عندما ربط بين ثلاثية أهدافه الثورية فلأنه أدرك أن لا حرية سياسية دون حرية وطنية وقومية، وأن معركة مواجهة الاستلاب الاجتماعي لا تنفصل عن معركة مواجهة الاستلاب القومي وان كلتاهما يتكاملان بالنتائج.
ثانياً: إن القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي وفي الذكرى الثانية والستين لوحدة مصر وسوريا والتي كان للبعث شرف قيامها، فإنها ورغم الانتكاسة التي تعرضت لها وما يتعرض له العمل الوحدوي العربي من تحديات وصعوبات ومعوقات، تدعو إلى إبقاء الشعار الوحدوي شعاراً مظللاً للنضال العربي على كافة الصعد والمستويات، لأنه لا إمكانية على مواجهه أعداء الأمة إلا بوحدتها بغض النظر عن طبيعة النظام الدستوري الذي يحكم قواعدها، ولهذا فإنه وفي هذه المناسبة لا بد من التأكيد دائماً على الحريات الأربع التي يجب التمسك بها كخطوات أولية، وهي حرية التنقل والإقامة للمواطنين العرب وإقامة السوق العربية المشتركة وفتح الحدود وإقامة المصالح المشتركة التي تشكل الأساس الاقتصادي للبناء السياسي والاقتصادي وتعيد للاقتصاد العربي دوره في تلبية الحاجات الأساسية للمواطن العربي وإبلاء الاقتصاد الإنتاجي الأولوية في التنمية الشاملة على حساب الاقتصاد الريعي.
وعليه تدعو القيادة القومية للحزب جماهير الأمة وقواها الطليعية إلى الانفتاح على المستقبل، وعلى الاقتصاد المعرفي والاستفادة من كل معطياته في التنمية المستدامة، وإعطاء التحولات الديمقراطية والحريات العامة وحقوق الإنسان وإقامة النظم الرشيدة وتطبيق قواعد الحوكمة ومواجهة الفساد السياسي والإداري المستشري، مساحة أوسع في النضال الوطني العربي بمضمونه الاجتماعي وبعده القومي، مع ما يتطلب ذلك من توسيع لأطر المشاركة السياسية على قاعدة التعددية في إعادة هيكلة المجتمع العربي وبما يزيد من رفع مستوى الوعي الوطني في المراجعة والمحاسبة السياسية للأداء السلطوي وأداء المرفق العام.
ثالثاً: إن القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي التي تعتبر أن حماية الحريات العامة وإقامة دولة الرعاية الاجتماعية وإقامة النظام القائم على الفصل بين السلطات وتداولها، ترى أن الحراك الشعبي الذي يختلج به الشارع العربي منذ أعوام وما زال على قوة نبضه، هو السبيل لإقامة دولة المواطنة، وهو بتعبيراته الشعبية إنما يشكل انبعاثاً متجدداً للأمة وهي تعبر عن ذاتها من خلال حراك قواها الشبابية التي تعتصم في الساحات والميادين، مطالبة بالتغيير بوسائط التعبير الديمقراطي راسمة ملامح المستقبل الذي يرنو إليه الجيل العربي الجديد ويعمل على تجذير الانتماء الوطني وحماية الهوية القومية والحد من هجرة الكفاءات إلى أسواق العمل الأجنبية بعدما تكون قد وفرت لهم فرص العمل في بلادهم التي تعتبر القوة الشبابية هي أحد مكامن القوة في بنيان الأمة.
إن الحركة الجماهيرية العربية التي تستعيد حضورها في أكثر من ساحة عربية، استطاعت أن تسقط نظام التمكين والدكتاتورية في السودان وتفتح الآفاق أمام التحول الديمقراطي في الحياة السياسية سعياً لإقامة نظام وطني تحكمه قواعد الديمقراطية والتعددية، وتحقق للسودان سلمه الأهلي كي تنطلق مسيرة النهوض الشامل الذي يضع ثروة السودان في خدمة التنمية الشاملة التي توفر أوسع رزمة من مستلزمات الأمن الحياتي والمعيشي والاقتصادي، والتي حرمت منها في ظل تسلط منظومة فاسدة على حكم البلاد والعباد.
إن القيادة القومية للحزب التي تقدر عالياً نضال الشعب السوداني من خلال ما آلت إليه ثورته وإدخال هذا القطر العربي مرحلة جديدة من حياته السياسية، ترى أن انطلاق انتفاضة العراق الشعبية واستحضار جماهيرها لكل عناوين القضية الوطنية والاجتماعية في حراكها، هو ما جعلها تتحول إلى انتفاضة شاملة عبر ربطها بين هدف إسقاط العملية السياسية بكل رموزها وشخوصها وآليات عملها، بهدف تحرير العراق من الاحتلال الإيراني وبقايا الاحتلال الأمريكي. وباستمرار هذه الانتفاضة رغم ما تتعرض له من قمع سلطوي وميليشياوي وتحريض مكشوف من مركز التحكم والتوجيهي الإيراني فإنها دخلت طور الثورة الشاملة، التي تستمد قوتها من احتضان جماهيري لها غطى مساحة العراق بكل مدنه وحواضره، كما من مشروعية مشروعها السياسي الداعي إلى تحرير العراق من الاحتلال والاستلاب وإعادة بناء الدولة الوطنية التي تشكل مظلة للشعب وحامية لمقدراته وثروته من النهب المنظم والسرقة الموصوفة.
وكما شكل حراك جماهير السودان والعراق مفاجأة للقوى المعادية المطبقة على الوطن العربي ومنظومات الفساد الحاكمة، فإن الحراك الشعبي في لبنان يندرج ضمن ذات السياق، بحيث أدت الانتفاضة الشعبية ضد منظومة الفساد إلى كشف الطبقة الفاسدة والتي مارست سياسة المحاصصة وأوقعت الشعب تحت تثقيل سياسي و اقتصادي واجتماعي حاد على الشرائح الشعبية التي تآكلت مداخيلها، وأفرزت واقعاً سياسياً وشعبياً جديداً بات يشكل رقيباً وحسيباً على الأداء السلطوي ويفتح كوة في جدار الانسداد السياسي نحو تحقيق اختراق في بنية النظام السياسي الذي تحكمه قواعد المحاصصة الطائفية والسياسية.
وإذ تقدر القيادة القومية للحزب دوره في حراك العراق ولبنان والسودان والطريقة التي يدار فيها حضوره السياسي والعملياتي، تقدر الحراك الشعبي في الجزائر ودور الحزب فيه، وهو الذي يطوي عامه الأول دون كلل أو ملل لأجل إنتاج سلطة سياسية جديدة تحكمها قواعد الديمقراطية في آليات الحكم والحوكمة الرشيدة، ومحاسبة الفاسدين ومحاصرة قوى التغريب والفرنسة وكل من يضمر شراً لهوية الجزائر العربية.
رابعاً: إن القيادة القومية للحزب إذ تدعو إلى تصعيد النضال الجماهيري من خلال المشهديات الرائعة للانتفاضات الشعبية العربية التي تتفاعل وتتكامل وتتواصل فيه ما بينها ،تواصل الأوعية المتصلة، فلأنها تعتبر ذلك الضمانة الوحيدة لحماية المكتسبات النضالية التي تحققت بفضل تضحيات الأمة في مقاومة الاحتلال وفي مقارعة أنظمة القمع والاستبداد، وهذا الإنجاز هو ما يؤسس عليه في بناء المستقبل العربي لأجل استنهاض قومي شامل تحشد فيه إمكانات الأمة في مواجهة الأعداء المتعددي المشارب والمواقع، الذين يستوطنون فلسطين ويحتلون العراق، ويخربون سوريا واليمن وليبيا ولبنان، ويمتصون ثروات الأمة ويصادرون الحريات العامة ويعطلون مسار التحول الوطني الديمقراطي.
إن القيادة القومية للحزب وفي ضوء ما تتعرض له بعض الأقطار العربية من تهديد لوحدتها الوطنية وتماسك نسيجها الاجتماعي من جراء عقم سياسات نظم الاستبداد والقمع والاستقواء بقوى إقليمية ودولية لقمع الجماهير، ترى أن الحلول السياسية التي تخرج هذه الأقطار من أزماتها السياسية والاقتصادية هي الحلول التي تنتجها إرادة وطنية تحاكي مصالح الشعب نحو التغيير وإقامة النظام الديمقراطي ودولة الرعاية الاجتماعية، وهذه تنطبق على مخرجات الحلول لأزمات ليبيا وسوريا واليمن والتي يراد تدويل وأقلمة الحلول لها خدمة لمصالح القوى الدولية والإقليمية على حساب معاناة جماهير هذه الأقطار.
خامساً: إن القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي التي تؤكد على مركزيه قضيتي فلسطين والعراق، ترى أن مقاربة الأزمات التي عصفت ببعض الأقطار العربية، تبقى مقاربة ناقصة إن لم يسلط الضوء على طبيعة الدور الإيراني والخطورة التي يجسدها تغوله في العمق القومي العربي وما قام به مباشرة، أو عبر أذرعه الأمنية والميليشياوية وما ينتج عن ذلك من تدمير وتهجير وتغيير في التركيب الطائفي للسكان وحيثما وصلت امدادات دوره التخريبي في العديد من الأقطار العربية. وإنه بقدر ما يجب وضع المشروع الفارسي الصفوي في خانة المشاريع شديدة الخطورة على الأمن القومي العربي فإن الدور التركي وتدخله العسكري في أكثر من قطر عربي، بات يمس الأمن العربي بالصميم. ولهذا فإن المصلحة القومية تقتضي ليس إطلاق الإدانة السياسية لهذا الدور وحسب، بل مواجهته بالآليات العملية باعتباره دوراً مشبوهاً وعدائياً يكمل بنتائجه الدور الإيراني، سواء لجهة الاستثمار السياسي في قضية فلسطين، أو لجهة موقع مرسوم له في إطار ما تسعى له الإمبريالية الأمريكية لإقامة ما يسمى الشرق الأوسط الجديد.
سادساً: إن القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي، إذ تدعو إلى أن يبقى الموقف الشعبي العربي في أعلى درجات التحصن السياسي والنفسي من محاولات الاختراق والترويج للحلول الاستسلامية وآخرها إعلان “صفقة القرن”، فإنها تدين كل أشكال التطبيع مع العدو الصهيوني وكل من يعمل ويروج له وتحذر من المضي في الوقوع في مطب اعتبار التطبيع وفتح قنوات الاتصال أو الأجواء أمام العدو مدخلاً للرفاه الاقتصادي، لأن هذا لا يعدو كونه سوى فخاً ينصب لاستثمار الوضع الاقتصادي الضاغط في بعض الدول العربية لأجل انتزاع مواقف سياسية تُمهد للاعتراف بالعدو الصهيوني. فالتطبيع مع العدو وأياً كانت مبرراته مدان ومرفوض وكل من يعمل على ذلك سيكون في موضع الإدانة التاريخية.
إن العدو الصهيوني اغتصب أرض فلسطين بالقوة، وهو يسعى لأن يجعل من فلسطين نقطة انطلاق لفرض هيمنته على الأمة، والتطبيع إحدى وسائلها، ولهذا يجب مواجهتها، بنفس مبدئية الموقف التي يواجه بها الاحتلال بكل تجسيداته، والأسلوب الوحيد الذي يجب التعامل معه هو أسلوب المقاومة والكفاح المسلح لأن ما أُخذ بالقوة لا يُسترد إلا بالقوة.
إن القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي، ـوهي تدعو إلى وضوح المواقف العربية مما يهدد الأمة بأمنها ووجودها وتدعو إلى الخروج من رمادية المواقف حيال ما يتهدد الأمة من أخطار، وإلى إزالة كل القواعد العسكرية عن الأرض العربية، والعودة إلى التظلل بالخيمة العربية وإعادة الاعتبار للموقع القومي في تحديد مصير الأمة، وفي مناسبه الذكرى الثانية والستين لقيام أول وحدة عربية، توجه التحية لصانعي هذه الوحدة وتدعو إلى إبراز إيجابياتها وتجاوز ما رافقها من شوائب وسلبيات، وتدعو إلى موقف عربي موحد رسمي وشعبي من صفقه القرن وكل مشاريع التسوية التصفوية لقضية فلسطين ودعم خيار المقاومة عبر توحيد الرؤيا والموقف لقوى الثورة الفلسطينية، وإلى توحيد الموقف العربي في مواجهة الدور الإيراني ومعه التركي، وحيث هذا الكل العدائي يعمل تحت مظلة تفاهم دولي تتبوأ أمريكا الموقع الأكثر تأثيراً لفرض الهيمنة الشاملة على الأمة العربية.
إن القيادة القومية للحزب وهي توجه التحية لمنظمات الحزب والرفاق المناضلين في كافة أقطار الوطن العربي من أقصى مغربه إلى مشرقه على الدور النضالي الذي يضطلعون به تدعوهم لأن يبقوا متصدرين الصفوف في النضال الجماهيري، وهذا عهد حزبهم وأمتهم بهم.
تحية لفلسطين وثورتها، وتحية لانتفاضات السودان والعراق ولبنان والجزائر والاحواز، وتحية لشهداء الأمة على مساحة الوطن العربي الكبير، وتحية إلى الرفيق عزة إبراهيم الأمين العام للحزب القائد الأعلى للجهاد والتحرير، وعهد النضال أن تستمر مسيرة النضال العربي لتحرير الأرض العربية المحتلة في فلسطين والعراق والأحواز والجزر الثلاث، وكل أرض عربيه محتلة وسليبة، وصولاً إلى تحقيق أهداف الأمة العربية في الوحدة والحرية والاشتراكية.
القيادة القومية
لحزب البعث العربي الاشتراكي
25 شباط 2020
القيادة القومية
أمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة
وحدة - حرية - اشتراكية
بيان القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي على إثر الإجتماع الدوري
القيادة القومية
الأمة العربية تنبعث مجدداً من خلال انتفاضات الجماهير.
لإعطاء التحولات الديمقراطية مساحة أوسع في النضال العربي.
لا لصفقة القرن ولا للتطبيع مع العدو الصهيوني ونعم لتصعيد المقاومة.
أكدت القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي، أن الأمة العربية تقف على عتبه انبعاث متجدد من خلال انتفاضه جماهيرها، ودعت إلى إعطاء التحولات الديمقراطية مساحة أوسع في النضال العربي، وإلى مقاومة كل أشكال الاحتلال الأجنبي للأرض العربية ورفض صفقة القرن وإجراءات التطبيع. جاء ذلك في بيان القيادة القومية هذا نصه:
تحل الذكرى الثانية والستين لقيام أول وحدة بين قطرين عربيين والأمة العربية تمر بمرحلة مفصلية في تاريخها المعاصر مع ارتفاع منسوب التآمر والعدوان الإقليمي والدولي عليها ،حيث أتى الإعلان الأمريكي بطرح “صفقة القرن” كمشروع حل لما يسمى بأزمة الشرق الأوسط ليدفع الصراع إلى مرحلة جديدة من المواجهة بين الأمة العربية وأعدائها المتعددي المشارب والمواقع.
إن هذه الصفقة بكل ما تنطوي عليها من مضامين وأبعاد، تم توقيت إعلانها بعد قرن على وعد بلفور، و على احتلال القوات البريطانية للقدس، وإعلان الجنرال اللنبي في السادس من كانون الأول 1917 “الآن انتهت الحروب الصليبية”.
و كما تعرضت الأمة العربية على مدى قرن من هذا الزمن لعدوان متعدد الأشكال، من “سايكس بيكو إلى اغتصاب فلسطين”، ومن إعلان مبدأ ايزنهاور الذي برر التدخل الأمريكي في المنطقة بضرورة ملء الفراغ، إلى العدوان الثلاثي على مصر وقيام حلف بغداد وصولاً إلى عدوان حزيران الذي أوقع كامل فلسطين وأرضٍ عربية أخرى تحت الاحتلال الصهيوني، فإن هذه العدوانية لم تتوقف عند هذا الحد، بل نحت مساراً جديداً بعد حصول التغيير السياسي في إيران وسيطرة الملالي على نظام الحكم فيها الذي لم يتأخر طويلاً بإعلان الحرب على العروبة انطلاقاً من بوابه العراق تحت عنوان ما أسماه تصدير الثورة.
ولما لم يستطع النظام الإيراني تحقيق أهدافه من جراء الحرب التي فرضها على العراق، بل خرج منها مهزوماً، تقدمت الولايات المتحدة الأمريكية لتبدأ تحضير مواجهة مفتوحة مع العراق بعد خروجه من الحرب أكثر قوة واقتداراً، مبتدئة بإجراءات الحصار الاقتصادي والتحشيد الدولي لشن الحرب عليه بعدوان ثلاثيني ومن ثم حصار اقتصادي وانتهاءً بالغزو الذي أوقع العراق تحت الاحتلال بعد إطلاق مبررات ومزاعم كاذبة وباعتراف أمريكي لاحقاً.
لقد أدى احتلال العراق وإسقاط نظامه الوطني إلى انكشاف الأمة أمام المشاريع المهددة للأمن القومي، وتقدم المشروع الفارسي ليشكل رديفاً موضوعياً للمشروع الصهيوني، من جراء تغوله في الواقع العربي الذي يدفع باتجاه تفكيك البنى المجتمعية العربية المترافق مع ارتفاع منسوب الخطاب الطائفي والمذهبي الذي حملته قوى مارست وتمارس كل أشكال التخريب والتدمير البنيوي للمجتمع العربي، وحيث تبين بالحس والملموس، إن هذه القوى هي منتج (أميركي –إيراني) بعنوانيه “الداعشي والحشدي” وكل من تماه معهما من تشكيلات ميليشياوية طائفية تعمل بتوجيه من مراكز التحكم والتوجيه الإيراني، وصولاً إلى خلق وقائع تدفع نحو المزيد من تقسيم المقسم على المستوى الكياني وتفتيت المفتت على المستوى المجتمعي ولأجل إجهاض التحولات الإيجابية التي أفرزها النضال العربي، وإضعاف عناصر المناعة العربية في مواجهه عدوان الخارج وأمراض وتخريب قوى الداخل.
وعليه فإن القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي وفي ضوء ما تتعرض له الأمة العربية من استفراس الهجمة المعادية عليها بهدف إيجاد أرضية لإعادة تشكيل ما يسمى بنظام إقليمي تحت مسمى “الشرق الأوسط الجديد” وجعل الكيان الصهيوني والموقعين الإيراني والتركي من مكوناته الأساسية وعلى حساب الموقع القومي العربي ترى وتؤكد على ما يلي:
أولاً: إن القوى المعادية التي استطاعت أن تحقق مكاسب سياسية واقتصادية واختراقات أمنية، وإقامة قواعد عسكرية على أرض العديد من الأقطار لم يكن بسبب ما تملك هذه القوى من إمكانات في ظل موازين القوى السائدة وحسب، بل أيضاً بسبب خضوع بعض الأنظمة العربية للابتزاز الأمريكي، ومقايضة توفير مظلة الحماية الأجنبية مقابل دفوعات مالية، كما بارتباط بعض النظم العربية بمواقع إقليمية ونسج علاقات تحالفية معها، بحيث أدى ذلك إلى تأمين متكآت عربيه لقوى العدوان الدولي والإقليمي راحت توظف ذلك لمصلحة مصالحها ومشاريعها وحفظ أدوار لها في مخرجات الحلول السياسية في الأقطار التي تعرضت للاحتلال أو تلك التي تنوء تحت أزمات بنيوية كحال العراق وسوريا واليمن وليبيا ولبنان.
وعلى هذا الأساس فان الأطراف و القوى العربية من كان منها في مواقع السلطة أو خارجها والتي سهلت أو وفرت ممرات عبور للقوى المعادية إلى الداخل القومي، إنما تتحمل مسؤوليه أساسية فيما آلت إليه الأوضاع العربية وبالتالي فإن المصلحة القومية تقتضي محاسبتها على الدور الذي لعبته في تمكين القوى المعادية من غرز مخالبها في البنية القومية، وهو الذي أدى إلى إنتاج قضايا قومية مركزية جديدة إضافة إلى المركزية التاريخية للقضية الفلسطينية.
وعليه فإن القيادة القومية للحزب، ترى أن كل من احتل أرضاً عربية هو عدو قومي للأمة، وكل من يخرب في بنى المجتمع العربي ويعمل على إضعاف عُرى تماسكه هو عدو قومي للأمة، وكل من يستغل الجماهير ويمارس سياسة الفساد والنهب للمال العام ويبدد الثروة الوطنية للشعب في غير مجالات التنمية والتوظيف الوطني هو مدمر للبنية الوطنية والمجتمعية وهو يندرج ضمن اصطفاف أعداء الأمة، ولهذا فإن الحزب عندما ربط بين ثلاثية أهدافه الثورية فلأنه أدرك أن لا حرية سياسية دون حرية وطنية وقومية، وأن معركة مواجهة الاستلاب الاجتماعي لا تنفصل عن معركة مواجهة الاستلاب القومي وان كلتاهما يتكاملان بالنتائج.
ثانياً: إن القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي وفي الذكرى الثانية والستين لوحدة مصر وسوريا والتي كان للبعث شرف قيامها، فإنها ورغم الانتكاسة التي تعرضت لها وما يتعرض له العمل الوحدوي العربي من تحديات وصعوبات ومعوقات، تدعو إلى إبقاء الشعار الوحدوي شعاراً مظللاً للنضال العربي على كافة الصعد والمستويات، لأنه لا إمكانية على مواجهه أعداء الأمة إلا بوحدتها بغض النظر عن طبيعة النظام الدستوري الذي يحكم قواعدها، ولهذا فإنه وفي هذه المناسبة لا بد من التأكيد دائماً على الحريات الأربع التي يجب التمسك بها كخطوات أولية، وهي حرية التنقل والإقامة للمواطنين العرب وإقامة السوق العربية المشتركة وفتح الحدود وإقامة المصالح المشتركة التي تشكل الأساس الاقتصادي للبناء السياسي والاقتصادي وتعيد للاقتصاد العربي دوره في تلبية الحاجات الأساسية للمواطن العربي وإبلاء الاقتصاد الإنتاجي الأولوية في التنمية الشاملة على حساب الاقتصاد الريعي.
وعليه تدعو القيادة القومية للحزب جماهير الأمة وقواها الطليعية إلى الانفتاح على المستقبل، وعلى الاقتصاد المعرفي والاستفادة من كل معطياته في التنمية المستدامة، وإعطاء التحولات الديمقراطية والحريات العامة وحقوق الإنسان وإقامة النظم الرشيدة وتطبيق قواعد الحوكمة ومواجهة الفساد السياسي والإداري المستشري، مساحة أوسع في النضال الوطني العربي بمضمونه الاجتماعي وبعده القومي، مع ما يتطلب ذلك من توسيع لأطر المشاركة السياسية على قاعدة التعددية في إعادة هيكلة المجتمع العربي وبما يزيد من رفع مستوى الوعي الوطني في المراجعة والمحاسبة السياسية للأداء السلطوي وأداء المرفق العام.
ثالثاً: إن القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي التي تعتبر أن حماية الحريات العامة وإقامة دولة الرعاية الاجتماعية وإقامة النظام القائم على الفصل بين السلطات وتداولها، ترى أن الحراك الشعبي الذي يختلج به الشارع العربي منذ أعوام وما زال على قوة نبضه، هو السبيل لإقامة دولة المواطنة، وهو بتعبيراته الشعبية إنما يشكل انبعاثاً متجدداً للأمة وهي تعبر عن ذاتها من خلال حراك قواها الشبابية التي تعتصم في الساحات والميادين، مطالبة بالتغيير بوسائط التعبير الديمقراطي راسمة ملامح المستقبل الذي يرنو إليه الجيل العربي الجديد ويعمل على تجذير الانتماء الوطني وحماية الهوية القومية والحد من هجرة الكفاءات إلى أسواق العمل الأجنبية بعدما تكون قد وفرت لهم فرص العمل في بلادهم التي تعتبر القوة الشبابية هي أحد مكامن القوة في بنيان الأمة.
إن الحركة الجماهيرية العربية التي تستعيد حضورها في أكثر من ساحة عربية، استطاعت أن تسقط نظام التمكين والدكتاتورية في السودان وتفتح الآفاق أمام التحول الديمقراطي في الحياة السياسية سعياً لإقامة نظام وطني تحكمه قواعد الديمقراطية والتعددية، وتحقق للسودان سلمه الأهلي كي تنطلق مسيرة النهوض الشامل الذي يضع ثروة السودان في خدمة التنمية الشاملة التي توفر أوسع رزمة من مستلزمات الأمن الحياتي والمعيشي والاقتصادي، والتي حرمت منها في ظل تسلط منظومة فاسدة على حكم البلاد والعباد.
إن القيادة القومية للحزب التي تقدر عالياً نضال الشعب السوداني من خلال ما آلت إليه ثورته وإدخال هذا القطر العربي مرحلة جديدة من حياته السياسية، ترى أن انطلاق انتفاضة العراق الشعبية واستحضار جماهيرها لكل عناوين القضية الوطنية والاجتماعية في حراكها، هو ما جعلها تتحول إلى انتفاضة شاملة عبر ربطها بين هدف إسقاط العملية السياسية بكل رموزها وشخوصها وآليات عملها، بهدف تحرير العراق من الاحتلال الإيراني وبقايا الاحتلال الأمريكي. وباستمرار هذه الانتفاضة رغم ما تتعرض له من قمع سلطوي وميليشياوي وتحريض مكشوف من مركز التحكم والتوجيهي الإيراني فإنها دخلت طور الثورة الشاملة، التي تستمد قوتها من احتضان جماهيري لها غطى مساحة العراق بكل مدنه وحواضره، كما من مشروعية مشروعها السياسي الداعي إلى تحرير العراق من الاحتلال والاستلاب وإعادة بناء الدولة الوطنية التي تشكل مظلة للشعب وحامية لمقدراته وثروته من النهب المنظم والسرقة الموصوفة.
وكما شكل حراك جماهير السودان والعراق مفاجأة للقوى المعادية المطبقة على الوطن العربي ومنظومات الفساد الحاكمة، فإن الحراك الشعبي في لبنان يندرج ضمن ذات السياق، بحيث أدت الانتفاضة الشعبية ضد منظومة الفساد إلى كشف الطبقة الفاسدة والتي مارست سياسة المحاصصة وأوقعت الشعب تحت تثقيل سياسي و اقتصادي واجتماعي حاد على الشرائح الشعبية التي تآكلت مداخيلها، وأفرزت واقعاً سياسياً وشعبياً جديداً بات يشكل رقيباً وحسيباً على الأداء السلطوي ويفتح كوة في جدار الانسداد السياسي نحو تحقيق اختراق في بنية النظام السياسي الذي تحكمه قواعد المحاصصة الطائفية والسياسية.
وإذ تقدر القيادة القومية للحزب دوره في حراك العراق ولبنان والسودان والطريقة التي يدار فيها حضوره السياسي والعملياتي، تقدر الحراك الشعبي في الجزائر ودور الحزب فيه، وهو الذي يطوي عامه الأول دون كلل أو ملل لأجل إنتاج سلطة سياسية جديدة تحكمها قواعد الديمقراطية في آليات الحكم والحوكمة الرشيدة، ومحاسبة الفاسدين ومحاصرة قوى التغريب والفرنسة وكل من يضمر شراً لهوية الجزائر العربية.
رابعاً: إن القيادة القومية للحزب إذ تدعو إلى تصعيد النضال الجماهيري من خلال المشهديات الرائعة للانتفاضات الشعبية العربية التي تتفاعل وتتكامل وتتواصل فيه ما بينها ،تواصل الأوعية المتصلة، فلأنها تعتبر ذلك الضمانة الوحيدة لحماية المكتسبات النضالية التي تحققت بفضل تضحيات الأمة في مقاومة الاحتلال وفي مقارعة أنظمة القمع والاستبداد، وهذا الإنجاز هو ما يؤسس عليه في بناء المستقبل العربي لأجل استنهاض قومي شامل تحشد فيه إمكانات الأمة في مواجهة الأعداء المتعددي المشارب والمواقع، الذين يستوطنون فلسطين ويحتلون العراق، ويخربون سوريا واليمن وليبيا ولبنان، ويمتصون ثروات الأمة ويصادرون الحريات العامة ويعطلون مسار التحول الوطني الديمقراطي.
إن القيادة القومية للحزب وفي ضوء ما تتعرض له بعض الأقطار العربية من تهديد لوحدتها الوطنية وتماسك نسيجها الاجتماعي من جراء عقم سياسات نظم الاستبداد والقمع والاستقواء بقوى إقليمية ودولية لقمع الجماهير، ترى أن الحلول السياسية التي تخرج هذه الأقطار من أزماتها السياسية والاقتصادية هي الحلول التي تنتجها إرادة وطنية تحاكي مصالح الشعب نحو التغيير وإقامة النظام الديمقراطي ودولة الرعاية الاجتماعية، وهذه تنطبق على مخرجات الحلول لأزمات ليبيا وسوريا واليمن والتي يراد تدويل وأقلمة الحلول لها خدمة لمصالح القوى الدولية والإقليمية على حساب معاناة جماهير هذه الأقطار.
خامساً: إن القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي التي تؤكد على مركزيه قضيتي فلسطين والعراق، ترى أن مقاربة الأزمات التي عصفت ببعض الأقطار العربية، تبقى مقاربة ناقصة إن لم يسلط الضوء على طبيعة الدور الإيراني والخطورة التي يجسدها تغوله في العمق القومي العربي وما قام به مباشرة، أو عبر أذرعه الأمنية والميليشياوية وما ينتج عن ذلك من تدمير وتهجير وتغيير في التركيب الطائفي للسكان وحيثما وصلت امدادات دوره التخريبي في العديد من الأقطار العربية. وإنه بقدر ما يجب وضع المشروع الفارسي الصفوي في خانة المشاريع شديدة الخطورة على الأمن القومي العربي فإن الدور التركي وتدخله العسكري في أكثر من قطر عربي، بات يمس الأمن العربي بالصميم. ولهذا فإن المصلحة القومية تقتضي ليس إطلاق الإدانة السياسية لهذا الدور وحسب، بل مواجهته بالآليات العملية باعتباره دوراً مشبوهاً وعدائياً يكمل بنتائجه الدور الإيراني، سواء لجهة الاستثمار السياسي في قضية فلسطين، أو لجهة موقع مرسوم له في إطار ما تسعى له الإمبريالية الأمريكية لإقامة ما يسمى الشرق الأوسط الجديد.
سادساً: إن القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي، إذ تدعو إلى أن يبقى الموقف الشعبي العربي في أعلى درجات التحصن السياسي والنفسي من محاولات الاختراق والترويج للحلول الاستسلامية وآخرها إعلان “صفقة القرن”، فإنها تدين كل أشكال التطبيع مع العدو الصهيوني وكل من يعمل ويروج له وتحذر من المضي في الوقوع في مطب اعتبار التطبيع وفتح قنوات الاتصال أو الأجواء أمام العدو مدخلاً للرفاه الاقتصادي، لأن هذا لا يعدو كونه سوى فخاً ينصب لاستثمار الوضع الاقتصادي الضاغط في بعض الدول العربية لأجل انتزاع مواقف سياسية تُمهد للاعتراف بالعدو الصهيوني. فالتطبيع مع العدو وأياً كانت مبرراته مدان ومرفوض وكل من يعمل على ذلك سيكون في موضع الإدانة التاريخية.
إن العدو الصهيوني اغتصب أرض فلسطين بالقوة، وهو يسعى لأن يجعل من فلسطين نقطة انطلاق لفرض هيمنته على الأمة، والتطبيع إحدى وسائلها، ولهذا يجب مواجهتها، بنفس مبدئية الموقف التي يواجه بها الاحتلال بكل تجسيداته، والأسلوب الوحيد الذي يجب التعامل معه هو أسلوب المقاومة والكفاح المسلح لأن ما أُخذ بالقوة لا يُسترد إلا بالقوة.
إن القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي، ـوهي تدعو إلى وضوح المواقف العربية مما يهدد الأمة بأمنها ووجودها وتدعو إلى الخروج من رمادية المواقف حيال ما يتهدد الأمة من أخطار، وإلى إزالة كل القواعد العسكرية عن الأرض العربية، والعودة إلى التظلل بالخيمة العربية وإعادة الاعتبار للموقع القومي في تحديد مصير الأمة، وفي مناسبه الذكرى الثانية والستين لقيام أول وحدة عربية، توجه التحية لصانعي هذه الوحدة وتدعو إلى إبراز إيجابياتها وتجاوز ما رافقها من شوائب وسلبيات، وتدعو إلى موقف عربي موحد رسمي وشعبي من صفقه القرن وكل مشاريع التسوية التصفوية لقضية فلسطين ودعم خيار المقاومة عبر توحيد الرؤيا والموقف لقوى الثورة الفلسطينية، وإلى توحيد الموقف العربي في مواجهة الدور الإيراني ومعه التركي، وحيث هذا الكل العدائي يعمل تحت مظلة تفاهم دولي تتبوأ أمريكا الموقع الأكثر تأثيراً لفرض الهيمنة الشاملة على الأمة العربية.
إن القيادة القومية للحزب وهي توجه التحية لمنظمات الحزب والرفاق المناضلين في كافة أقطار الوطن العربي من أقصى مغربه إلى مشرقه على الدور النضالي الذي يضطلعون به تدعوهم لأن يبقوا متصدرين الصفوف في النضال الجماهيري، وهذا عهد حزبهم وأمتهم بهم.
تحية لفلسطين وثورتها، وتحية لانتفاضات السودان والعراق ولبنان والجزائر والاحواز، وتحية لشهداء الأمة على مساحة الوطن العربي الكبير، وتحية إلى الرفيق عزة إبراهيم الأمين العام للحزب القائد الأعلى للجهاد والتحرير، وعهد النضال أن تستمر مسيرة النضال العربي لتحرير الأرض العربية المحتلة في فلسطين والعراق والأحواز والجزر الثلاث، وكل أرض عربيه محتلة وسليبة، وصولاً إلى تحقيق أهداف الأمة العربية في الوحدة والحرية والاشتراكية.
القيادة القومية
لحزب البعث العربي الاشتراكي
25 شباط 2020
تحويل كودإخفاء محول الأكواد الإبتساماتإخفاء