يقولون له هذا ثور يرد احلبوه
مثل
دخلت الانتفاضة العراقية مرحلة فرض طابعها الوطني العراقي وانتهاء فترة التركيز على المطالب الاصلاحية العادية وبدأ رفع الشعارات والاهداف الحقيقة التي يحتاج العراق للوصول اليها ، وفي المقدمة منها وقبل اي مطلب وفوق اي هدف طرد اسرائيل الشرقية من العراق واعتبار تحقيق ذلك الهدف الضمانة الاساسية لطرد امريكا ايضا وذلك للاعتماد الامريكي على اسرائيل الشرقية ونغولها ، وهذا ما عبرت عنه هتافات المتظاهرين من البصرة الى بغداد بوضوح وشجاعة تامتين ، لهذا فمن الضروري تسجيل بعض الملاحظات القابلة للاضافات والتعديل طبقا لتطور الموقف الميداني .
1-ان اهم وابرز ما اكدته التظاهرات حقيقة كنا نؤكد عليها وندافع عن صوابها بلا اي مساومة او تراجع رغم كل مظاهر النفي لها وهي ان الطائفية ليست صفة اصيلة تنتمي لطبيعة العراقيين الوطنية والقومية فمن تظاهر هتف باسم العراق -كل العراق - ورفض رفع اي شعار طائفي وتعمد ادانة المراجع وذوي العمائم الذين سرقوا الشعب واذلوه وربطوا العراق باسرائيل الشرقية بصلة التبعية المطلقة استنادا لاكاذيب عنصرية فارسية غلفت بغطاء طائفي دحضتها مواقف المتظاهرين .
2-انتقلت الانتفاضة من عمل مخابراتي ايراني صرف اريد له ان يمهد ويهيأ لتغييرات شكلية تحمّل فيها مسؤولية كوارث العراق غير المسبوقة لمن سيطرد من الحرامية والفاسدين والمجرمين لاجل ابقاء اخرين يواصلون النهب والفساد والتبعية لاسرائيل الشرقية ، وكانت المخابرات الايرانية تعتمد اولا وقبل كل شيء على العصائب وفيلق بدر في تنفيذ هذا المخطط . لكن ما حصل وقلب الطاولة على اسرائيل الشرقية ومخابراتها وعبيدها هو ان الهتافات العلنية شملت قادة العصائب وفيلق بدر بالذات ، وهذا التطور يؤكد ان ابناء الجنوب والوسط قد وصلوا حالة اختيار التضحيات مهما كانت غالية من اجل الحياة الحرة الكريمة ، لانهم يعلمون ان طهران ونغولها في العراق لن يستسلموا بسهولة وانما سوف يقومون بابشع الجرائم لقمع الانتفاضة الوطنية الحالية والانتقام ممن شاركوا فيها .
3-ويجب ان لاننسى ولو للحظة ان الطرف الاخر الشريك لاسرائيل الشرقية وهو امريكا كان منذ البداية له صلة بما يجري ففي حين ان اسرائيل الشرقية تريد القيام بعملية تطهير لبعض نغولها من اجل ابقاء الاخرين وامتصاص النقمة الشعبية عليها فان امريكا تريد تقليم اظافر اسرائيل الشرقية وتمكين نغولها هي الذين ابعدتهم عن المسرح عمدا منذ الغزو - ودفعت ببعض نغولها ونغول الفرس ليكونوا واجهة لاسوأ مرحلة في تاريخ العراق - من البروز الان كبديل عن نغول اسرائيل الشرقية . وربما ما كتبه نغول الاحتلال الاصليين من تبشير بعودة امريكا للسيطرة على العراق وترويج فكرة مضللة وهي ان امريكا هي التي تملك مفاتيح العراق وليس شعبه ومقاومته الباسلة ، وتلك كانت مقدمة للتحرك الامريكي الحالي المتبرقع بغطاء انقاذ العراق من نغول طهران !!!
4-ان التحرك الامريكي والتحرك الايراني يصبان كلاهما في مستنقع اجهاض الانتفاضة الشعبية واستغلال عذابات الشعب العراقي من اجل الترويج لبدائل من النغول التابعين لواشنطن او طهران ، وفي كلا الحالتين فان المطلوب ليس الاصلاح وانهاء معاناة العراقيين بل الانتقال الى مرحلة جديدة من مخطط تقسيم العراق عبر تعميق عذابات العراقيين . ومن يظن ان الدور الامريكي الحالي هو من اجل ابعاد اسرائيل الشرقية وتقليم اظافرها فقط واهم : فبعد مواصلة امريكا الترويج لقرب تقسيم العراق ومن خلال تصريحات القادة العسكريين مؤخرا بعد تاكيدات الخبراء والاعلام وكبار المسؤولين يؤكد ان امريكا تتعمد ابقاء الصراع في العراق محتدما من خلال عدم القضاء على الاطراف التي تهدد بتقسيم العراق من شماله الى جنوبه ، والحرص على ابقاء الارهاب بشقيه التدميريين عاملا فاعلا ينخر بنية العراق . ان الضربات الجوية الامريكية ليست سوى عمل هدفه الحاق اكبر اذى ممكن بالمدنيين وزيادة تهجيرهم ومنع حسم اي صراع ، ولهذا فان الاطروحة الامريكية الرسمية التي تدعي كذبا ان حل مشكلة الارهاب في العراق تتطلب ربما عشرين عاما ما هي الا برنامج كامل لدفع العراق نحو التقسيم لانها فترة قررتها امريكا لطبخ عملية تقسيم العراق وانضاجها وتوفير غطاء شعبي طائفي يفرض على العراقيين رغما عنهم وعن وطنيتهم العراقية الاصيلة .
5- من بين ابرز واجباتنا الوطنية الان واجب مراقبة طروحات امريكا ونغولها خصوصا الدعوات لانشاء تجمعات طائفية وليس وطنية عراقية تبدو مناهضة الاسرائيل الشرقية لكنها في الواقع تكمل العمل الفارسي وهو توفير قواعد تقسيم وتقاسم العراق . ولهذا قلنا منذ عام 2003 وكررنا ذلك وباصرار لا يلين ان اي مشروع لانقاذ العراق يجب ان يقوم على الرفض التام لاي حل طائفي مهما زوق سواء كان سنيا اوشيعيا مادام الهدف الامريكي والايراني هو تقسيم وتقاسم العراق .
من لا ينتبه لهذه الحقيقة خصوصا لجزءها المخابراتي الخطر وهو الترويج لفكرة بالغة الخطورة والتضليل وهي ان امريكا ربما غيرت موقفها وتبنت مشروعا لانقاذ ( اهل السنة والجماعة ) يوقع نفسه في فخ المخابرات الامريكية !!! وعلى من يروجون لهذه الفكرة تذكر ان امريكا ليست نظاما عربيا تتغير مواقفه مع تغير اتجاهات الريح بل هي دولة مؤسسات عندما تتبنى خطة تنفذها ادارات متعاقبة ومختلفة من الجمهوريين والديمقراطيين وبلا اي تغيير جوهري واذا حصل تغيير فهو في الاساليب فقط . نؤكد كل المشاريع التي تبشر بتغيير الموقف الامريكي ومواقف من تستخدمهم امريكا ليست سوى فخاخ والغام خطيرة جدا .
6-ما تقوم به امريكا الان خصوصا الاتصالات بقوى معينة مباشرة او بواسطة انظمة هو ليس محاولة لانهاء ازمة العراق او سوريا او اليمن وبقية الازمات العربية بل هو ادارة ازمة وليس حلها وتلك احدى هم قواعد عمل امريكا التقليدية والتي تقوم على سرقة الوقت بجعله يمر دون حل حقيقي واثناء ذلك تتواصل عملية تدمير الانسان والعمران والهاء كافة الاطراف بالتفاوض العبثي الذي لاينتهي ابدا وكلما فشلت خطة طرحت خطة بديلة وهكذا تستمر عملية خداع السذج من العرب لحين اكتمال تنفيذ مخطط تقسيم وتقاسم الاقطار العربية وفي مقدمتها العراق وسوريا واليمن . لذلك نحذر بشدة من يتوهم بان امريكا تريد انهاء نفوذ ايران او حل مشاكل العراق وغيره ومن ثم التعاون معها ونسيان انها الافعى التي زرقت اخطر سمومها في جسد العراق ومهدت لاسرائيل الطريق لاستعمار العراق .
7-وبهذا الصدد علينا ان لا ننسى ولو للحظة ان امريكا مصرة على تقسيم وتقاسم العراق اما اسرائيل الشرقية فهي تريد تفريس كل العراق ووضعه تحت سيطرتها الاستعمارية ، ولهذا نلاحظ ان نغولها تخلو عن الاقليم الشيعي مؤقتا على امل ان تلتهم اسرائيل الشرقية كل العراق وليس جزء منه فقط ، ولكن امريكا تضغط بقوة الان لاعادة اسرائيل الشرقية الى مربع الاقليم الشيعي وقبول وجود دول – او اقليم - سني في شمال العراق وغربه وفي سوريا واليمن والهدف المركزي لامريكا وهو اصل المخطط الصهيوني القديم والمتجدد هو تقسيم وتقاسم الاقطار العربية . وهنا نحذر السذج والخدج من التلاعب بمصير العراق والاقطار العربية الاخرى بافتراض ان امريكا جادة في حل مشكلة العراق وفقا لمصالح شعبه فهذا وهم قاتل وسيحاسب شعب العراق بقسوة كل من يروج لاكذوبة تغيير الموقف الامريكي من التقسيم .
8-يقع في خطأ قاتل من يعتقد بان التخلص من الكوارث الحالية مرهون بقبول الاقل سوء وهو اقامة الاقاليم او تقسيم العراق لان حصول ذلك سوف يزيد من الصراعات الدموية بين الاقاليم والدويلات الطائفية والعرقية كما خططت اسرائيل الغربية وامريكا ، فكل مشاكل العراق واليمن وسوريا الحالية سوف تنقل للدويلات او الاقاليم مثل تقاسم الثروات او تحديد الحدود او تقرير مصير الاقليات داخل كل اقليم ، والاهم ان امريكا سوف تختلق كل فترة مشكلة جديدة للعرب ...الخ .
في ضوء ما تقدم فان الانتفاضة العراقية تمر بمرحلة خطيرة جدا لان الصراع الامريكي الايراني ومهما كان قويا لن يتجاوز تغييرات طفيفة في مواقفهما لا تمس الجوهر وهو التعاون او التلاقي الستراتيجي الامريكي الايراني من اجل انهاء العروبة ودفن هويتنا القومية العربية . ويترتب على تلك الحقيقة عدم الافراط في توقع نصر سريع بل مواصلة النضال بكافة اشكاله مثل التظاهر والاعتصامات من جهة والمقاومة المسلحة من جهة ثانية والقائمة على وحدة كافة القوى العاملة من اجل تحرير العراق والوعي الكامل لما تحاول امريكا وايران الوصول اليه عبر تكتيكات ذكية جدا .
ان دعم الانتفاضة وتطويرها وترسيخ هويتها الوطنية هو المفتاح الرئيس لتحرير العراق فاذا تاخر التحرير فان اهم اسلحة دحر امريكا واسرائيل الشرقية قد تحقق وهو وحدة العراقيين كافة ووقوفهم ضد الغزوين الفارسي والامريكي ورفضهم اي وجود اجنبي في العراق . ويجب التخلي التام عن اوهام الاصلاح من داخل النظام الحالي فكل المشاركين الفاعلين فيه نغول لا يملكون حرية التقرير ، ومن يتوقع خيرا من العبادي فهو كمن يتوقع ان حلب الثور سوف ينتج حليبا وليس سما زعافا .
الشعب انتفض والمطلوب الان تطوير الانتفاضة لتصبح حركة ثورية يومية وليس اسبوعية والاستعداد الكامل لهجمات نغول ايران المدعومين من امريكا في هذه المعركة ، والرفض التام لاي اصلاحات شكلية تخدر المتظاهرين وتخدعهم والاصرار على انهاء العملية االساسية بكاملها وابعاد رموزها الاساسيين واقامة حكم وطني ديمقراطي حقيقي بعيدا عن الاملاءات الامريكية او الايرانية .
تنظيم شباب الانتفاضة واعدادهم لمرحلة هي الاصعب احدى اهم متطلبات النصر واجهاض المخطط المشترك الامريكي والايراني ، فقد استيقظ المارد العراقي ولن يعود للنوم ابدا بعد ان كشفت الحناجر الاهداف الحقيقية للمتظاهرين واهمها انهاء دور العمائم التي خربت العراق وباعته لامريكا واسرائيل الشرقية ومن يعتقد بان الملالي وطهران سوف ينسون من هتف ضدهما واهم والانتقام منهم حتمي الا اذا انتصرت الانتفاضة . ولنتذكر جميعا بان الف شهيد قد يقدمهم العراق من اجل انجاح الانتفاضة وايصالها للنصر الكامل هو ثمن اقل بكثير من تضحيات العراقيين اليومية وعذاباتهم الدائمة فالذين ماتوا منذ الغزو فقط تجاوز عددهم ثلاثة ملايين عراقي والذين هجروا تجاوز عددهم مع النازحين اكثر من عشرة ملايين عراقي والفقر زاد والسرطانات تقتل المئات شهريا دون انتباه الى ان ذلك نتيجة للغزو وتواصله ، فالف شهيد هو ثمن انهاء كوارث العراق وضمان حماية ابناءه واجياله القادمة من الابادة والتشريد المنظم واذا فكر البعض بغير ذلك فنقول له ان من سيقتلون نتيجة استمرار الوضع سيكون ملايين العراقيين وستزداد العذابات كثيرا لان الانتقام الفارسي سيكون دافعا مضافا لتحقيق ذلك .
الصراع الان هو بين ثلاثة مشاريع المشروع العراقي الوطني القائم على تحرير كل العراق من الغزوين الامريكي والايراني ، والمشروع الامريكي القائم على مواصلة بناء اسس تقسيم وتقاسم العراق وبقية الاقطار العربية ، والمشروع الفارسي القائم على مد الاستعمار الفارسي ليشمل كل العراق واقطار عربية اخرى ، وكل مشروع اخر هو فرع مشتق من المشروعين الفارسي والامريكي ، وبناء عليه فان فرزنا لهذه المشاريع وتمييزنا لكل منها ومعرفتنا باهدافه الحقيقية يجعلنا بعيدين عن الفخاخ المنصوبة لنا وهي فخاخ اشد قتلا من الفخاخ السابقة .
Almukhtar44@gmail.com
24-8-2015
تحويل كودإخفاء محول الأكواد الإبتساماتإخفاء