ولا شك إن قناة الشرقية وإدارتها علمتنا أنها تجيد تطبيق شعارها الذي تكرره على شاشتها يومياً : ( الشرقية أول من يعلم وآخر من يسكت)، وبلا شك إننا سنكون أول السعداء والمهتمين لو طُبق القائمون على إدارة الشرقية، وعلى رأسهم الصحفي القدير والعتيد سعد البزاز مثل هذا المبدأ عندما يتم تناول الوضع العراقي في ظرف بالغ الخطورة والحساسية، ولكن ليس بهذا الارتباك الواضح في نشراتها الإخبارية، في الوقت يتطلب مثل هذا الأمر شجاعة في القول وجرأة في التناول الإعلامي، وحكمة في الطرح السياسي، وعمق ودراية وحذر في مجسات ومفاصل الخطاب السياسي الراهن، عبر محتوى وكلمات وأهداف واضحة .
تابعنا عبر شريط الأخبار الذي بثته قناة الشرقية طوال يوم أمس الأربعاء المصادف 2 أيلول/سبتمبر 2015 أخبارا عراقية قادمة تباعا من العاصمة القطرية الدوحة وقد مررتها قناة الشرقية الإخبارية وهي مجتزئة ومنتقاة ومصاغة ومخلوطة بشكل غرائبي يثير العجب؛ بل أحيانا القرف، خاصة عندما حان تقديم حصاد الأخبار والنشرة الإخبارية المسائية الرئيسية التي ينتظرها المشاهد العراقي والعربي ، بسبب ما نال ذلك الطرح الإخباري من أسلوب كان بعيدا كل البعد عن الحرفية الإعلامية والمسؤولية الوطنية التي تتشدق بها إدارة قناة الشرقية.
إن قناة الشرقية تعرف من هي القوى السياسية التي حضرت إلى مشاورات الدوحة بدعوة رسمية من الحكومة القطرية، وتعرف تماما اسمائهم وعناوينهم السياسية، ومنهم الأخ الشيخ زيدان الجابري رئيس المكتب التنفيذي للمجلس السياسي العام لثوار العراق وآخرين من طرحت أسمائهم في سياق النشرة بصورة انتقائية وغير دقيقة .
وإذا كان الطرح يقترب من الحدث الإعلامي حول لقاءات لشخصيات عراقية معروفة جرت خلال اليومين الأخيرين في العاصمة القطرية الدوحة فلا بد على قناة الشرقية، شأنها بقية القنوات المحسوبة على العراقيين في ملكياتها، أن تعرف، وتسمي الأشياء بمسمياتها، وتكون قريبة من الحدث السياسي، وتبتعد عن معالجة برقيات الأنباء الواردة لها من الدوحة وطرحها بشكل موضوعي بعيدا عن الإيحاءات على طريقة تحريف تطبيق الآية الكريمة: ( ولا تقربوا الصلاة ....) مسيئة بذلك لمبدأ الأمانة الصحفية في نقل الخبر والموضوعية في طرح الحقائق كما هي على الأرض ومكان الحدث.
وبالقدر الذي يتعلق الأمر بنا في هيئات إعلام وسياسة ومواقف المجلس السياسي العام لثوار العراق ومكتبه التنفيذي الذي يتابع الأمور عن كثب هو التأكيد دائماً على الثبات على الرأي وصيانة المبادئ التي أعلنها المجلس السياسي وقرارات دورتين لهيئته العامة، المُعَبّر عنها في بياناته وبرنامجه السياسي المعلن والالتزام بالشفافية التامة أمام جماهير شعبنا في نشر كل ما يتعلق بأمور الشأن العراقي ومتابعات أحداثه السياسية والإعلامية وتعبر عنها أيضا تصريحات قادة المجلس وممثليه ولجانه المتخصصة.
ليس لدينا ما نخفيه عن شعبنا، ولا نفعل في السر ما نخشاه في العلانية السياسية، ومثلنا مثل بقية القوى الوطنية الحقيقية في العراق لنا الشجاعة واليقين الكافي أن نطرح تصوراتنا السياسية ونعبر عن قناعاتنا في التمسك والسعي إلى إتمام المصالحة الوطنية الشاملة، ومتابعة منهج الآليات والخطوات التمهيدية الهامة التي يتوجب القيام بها للوصول إلى حالة الحوار الوطني الشامل، ومتابعة التمهيد لذلك من خلال فتح قنوات الحوار الوطني بيننا أولا، كقوى وطنية عراقية، رفضت العملية السياسية ودستورها وتبنت شعار المقاومة الوطنية على الأرض ضد تواجد كل قوى الاحتلال الأمريكي وأتباعه من اجل تحرير العراق واستعادة بناء الدولة الوطنية التي تكفل حرية المواطنة لكل عراقي، وتوفر له الشروط الموضوعية والسياسية ليمارس دوره حرا ومعززا ومكرما،من دون وصاية من احد عليه سوى وصاية شعبنا الحرة والكريمة. بعدها نفتح المجالات للحوار والاقتراب من القوى السياسية والاجتماعية الأخرى التي نختلف معها، للاستماع إلى وجهات نظرها، وإيصال أفكارنا وتصوراتنا لها حول مجمل الموضوعات المطروحة بغية التوصل إلى المصالحة الوطنية المنشودة وفق مبادئ وطنية عراقية مشتركة وبضمانات دولية وإقليمية واضحة، رافضين مبدأ الوصاية من أي طرف كان عربيا أم أجنبيا.
ولا يخفى على الكثيرين ممن يتابعون الشأن السياسي العراقي إن المجلس السياسي سعى إلى فتح قنوات الحوار السياسي مع كل قوة وطنية عراقية تنشد التغيير والإصلاح الحقيقي لأجل استعادة العراق إلى أهله وأمته، مدركين إن الذين تورطوا وأوغلوا في الفساد السياسي والأخلاقي والذين استثمروا خدمتهم لقوى الاحتلال وفي نهب ثروات البلاد، وهم السبب في ضياع العراق، هم حفنة من المرتزقة تتفاوت ادوار جرائمهم من الخيانة الوطنية إلى التساهل مع قوى الاحتلال الأمريكي وخدمة النفوذ الإيراني، ونميزهم عن تلك القوى والجماعات التي دخلت لاحقا في العملية السياسية، راضية أو مكرهة ،أو خدمة لحساب مصالحها الشخصية والفئوية، ومنها من خرج كما يعرف الجميع " من المولد بلا حمص" نادما عندما استأثرت قوى الإسلام السياسي بكل فئاتهم الطائفية والاثنية عندما يتاجر الجميع بشعارات تطبيق الديمقراطية الشوهاء فكرسوا مبدأ المحاصصة ليقودوا البلاد إلى الكارثة التي تحل اليوم بمصير ووحدة شعب العراق وترابه الوطني.
لقد أفرزت الأزمة القائمة في العراق أمام الجميع خيارات وطنية لا بد من الوقوف أمامها، وتتطلب سبل شتى عند المناقشة والتداول والحوار الوطني، وفي كل الأحوال فهي تتطلب عملية جراحية شاملة لإسقاط العملية السياسية التي فشلت تماماً، بعد أن أثبتت عقمها وتكللت بهزيمتها في فشل مريع يقود أصحابه إلى الهاوية المحتومة.
نحن نرى في المجلس السياسي العام لثوار العراق، وتشاركنا قوى وطنية عراقية واسعة، خصوصاً ونحن نعيش يوميات اندلاع الانتفاضة الوطنية الشاملة وتصاعدها، انه لابد من الشروع في حوار وطني شامل، لا يستبعد أحدا، يتم وفق أجندة وطنية عبر خطوات ملموسة وواضحة ودقيقة تقود إلى التغيير الحقيقي، وتوقف الكارثة والمأساة الوطنية، وتتم عبر حوار لا يستثني أو يستبعد احدً، حوار يقبل بالثوابت الوطنية وعدم التفريط بحقوق العراق وسيادته الوطنية، ويؤمن بقناعة تامة بحقوق ومستقبل أبناء العراق. حوار عراقي في المقام الأول، لا بد أن يكون ويتم بعلم العديد من القوى والدول العربية والدولية وهيئة الأمم المتحدة والجامعة العربية وبقية المنظمات الإقليمية ذات الصلة بالعراق، وليكون الجميع ضامنا وشاهداً في متابعة وتنفيذ ما تصل إليه الأطراف العراقية في حواراتها، وفي مقدمتها تحقيق شروط مصالحة وطنية حقيقية، بدون متاجرة بها أو اللعب من خلالها لاستغلال عامل الزمن أو محاولة البعض الاستئثار بالسلطة والتمسك بالامتيازات التي منحها له الاحتلال وعمليات التزوير واستلاب حقوا بناء العراق،، والسعي إلى تمييع مطالب الجماهير المنتفضة، واستمرار أدوات القمع وتسلطه على ملايين العراقيين، وقطع الطريق عن تشبث البعض بحماية القوى الأجنبية لصالح حفنة من اللصوص والفاسدين والخونة.
إن هذا الطرح الذي يتبناه المجلس السياسي العام لثوار العراق، تشاركه قوى وطنية وسياسية عراقية واسعة من داخل وخارج العملية السياسية، ولا شك انه يواجه مقاومة شرسة وعنيفة من لدن قوى الاحتلال وذيوله وممثلي سلطته الفعلية من المزروعين في حكومات العراق المتعاقبة ونف الائتلاف الطائفي الحاكم، وممثلي الكيانات السياسية من الذين أوغلوا بجرائم القمع والاستبداد والفساد السياسي والإداري، ومعهم حفنة من مرتزقة المتاجرة السياسية والطائفية وسماسرة المواقف السياسية الانتهازية، الساعين معاً إلى تقسيم العراق وتفتيت وحدته الترابية والشعبية، ومن حولهم تعتاش العديد من شركات الارتزاق الإعلامي التي باتت تشارك اللصوص سرقاتهم، وتتستر على جرائمهم، ومنها ما تحاول عبثاً تشتيت الجهد العراقي الوطني والمقاوم من خلال طرح مواقف مُتعارضة ومُعارضة ضد هذا الطرف أو ذاك؛ خدمة لمن يدفع لها أو يداهن لها مواقفها التي باتت مشبوهة ومفضوحة تماما.
ولا يخفى على احد إن كثيرا من الأطراف العراقية التواقة إلى حوار وطني شامل لم تخرج بعد من شرنقتها وتكتيكاتها الحزبية والسياسية هكذا مرة واحدة ،وفجأة، لتصل إلى قاعات الحوار، خصوصا إن اغلبها محاصرة تحت ظل ظروف صعبة من قلة الإمكانيات التعبوية لها، ومنها ما يثقلها تسيير الإرادات الدولية الأجنبية لها، ما يمنعها من الوصول إلى قاعات الحوار والمشاركة فيه ؛ لذا لا بد من دولة ما أن تدعو إلى إجراء اللقاءات التمهيدية لبدئ لحوار وتسهيل تبادل وطرح المواقف السياسية المختلفة بصوت مسموع ومباشر، ومن خلال ذلك يتم الاطلاع على تصورات البرامج السياسية المطروحة للحل السياسي الشامل في العراق.
وقد بادرت حكومة قطر مشكورة وبالتشاور مع بقية دول الخليج العربي وممثلي المجتمع الدولي ذوي الصلة والاهتمام بالقضية العراقية إلى دعوة رسمية وجهت إلى عدد من الإطراف العراقية التي ترى فيها فاعلة ، واللقاء بها ، مرحليا كل على حدة، وفي خطوة تمهيدية، للاستماع إلى وجهات نظرها ومنها المجلس السياسي العام لثوار العراق .
ولا شك إن الاجتماعات التمهيدية هذه، ولضمان نجاحها، لن تتمكن ولمرة واحدة، من جمع ثلاث مجموعات عراقية متباعدة أفرزتها ظروف الأزمة العراقية بعد الغزو والاحتلال 2003 وهي:
أولا: قوى المقاومة العراقية وحلفائها من بقية القوى العراقية التي رفضت الاحتلال والمشاركة في العملية السياسية وطالبت بإلغاء الدستور وكل مشاريع تقسيم العراق وقاومت الفدرلة الطائفية والاثنية فواجهت اقسي منذ 2003 أعتى صنوف القمع والتنكيل والمطاردة والاجتثاث والعزل السياسي وتعرضت إلى أبشع صورة من التشويه الإعلامي والسياسي حتى إلى يومنا هذا.
ثانيا: قوى وشخصيات سياسية عراقية شاركت في العملية السياسية لاحقا، ودخلت بعدها في صراع حول المصالح العامة والخاصة بها، ومنها دخلت في مواجهات التصفيات السياسية، ومنها خرجت من العملية السياسية مؤقتا، وتهدد بالخروج النهائي منها بعد المشاركة في السلطة والحكومة والبرلمان، لكنها ظلت تناور وتعارض بدرجات متفاوتة للحصول على بعض الامتيازات والمغانم التي حصلت عليها بطريقة المحاصصة، قبل تسلط نوري المالكي وتسلط حزب الدعوة كليا على السلطة والحكومة وتمكنه من فرض الأغلبية البرلمانية بطرق السمسرة وشراء الأصوات والتزوير الفاضح والتحكم التام بالقضاء العراقي وما سمي بالمنظمات والهيئات المستقلة التي اختلقتها آليات العملية السياسية، كهيئة النزاهة، ولجان مراقبة الانتخابات وحتى لجان حقوق الإنسان وغيرها التي أصبحت منظمات وهيئات مشبوهة المرامي والأهداف الفعلية، خدمت تكريس سلطة الاستبداد السياسي لحزب الدعوة وحلفائه ، بل حتى عملت على حماية وتسيير الفساد السياسي والإداري والمالي في كل مفاصل الدولة والمجتمع في العراق.
ثالثا: قوى وأحزاب وشخصيات العملية السياسية الأساسية التي رافقت قوات الغزو والاحتلال، وهي التي ساهمت ،بهذا القدر أو ذاك، في تخطيط وتنفيذ مهمات الغزو والتعاون معه في تشكيل ما سمي بمجلس الحكم بإدارة السفير الأمريكي بول بريمر وما نجم عنه من تشكيل الحكومات العراقية المتتالية، وهي التي أضحت تدريجيا جزء هاما وأساسيا من تشكيلات المافيا السياسية ورموز حيتان الفساد والارتباط بقوى المحتل الأجنبي، سواء في ولهاءاتها للولايات المتحدة أو إيران، وقد أثبتت كليا فشلها في بناء الدولة أو حتى تسيير العملية السياسية العرجاء، فأضاعت حقوق العراق، ووضعت البلاد على حافة التقسيم والحرب الأهلية، وهي لا زالت متمسكة بالسلطة بحماية إيرانية ودعم أمريكي، رغم كل فضائحها وقرب سقوطها الأخلاقي والسياسي الذي بات محتوما.
أمام هذه الأحداث، وعلى ضوء ما تم تبينه أعلاه، لا بد على الإعلام العراقي، الذي يطرح نفسه بمسميات وطنية، أن تُراعى الدقة والموضوعية في نقل أخبار الأحداث السياسية العراقية، وفسح الفرصة بعدالة وإنصاف أمام كل الإطراف، لكي يدلي الجميع بدلوهم ويوضحوا برامجهم وتصوراتهم، لكي يوضع شعبنا أمام جميع الحقائق لقطع الطريق على المتصيدين في العتمة السياسية والساعين إلى تقسيم العراق ومنع فرص الحوار الوطني وإتمام المصالحة الوطنية واستعادة شعب العراق لحقوقه كاملة غير منقوصة.
وان غدا لناظره قريب.
تحويل كودإخفاء محول الأكواد الإبتساماتإخفاء