تحية وبعد :
بادئ في بدء أجد لزاما على نفسي شخصيا ، وبالنيابة عن عدد من إخوتي أعضاء المجلس السياسي العام لثوار العراق والأمانة العامة للجبهة الوطنية والإسلامية في العراق الواجب بالرد على رسالة ذ. صباح المختار التي وجهها إلى د. ضرغام الدباغ: مشيرا في مستهلها إلى استلامه صورة البيان الذي صدر عن المجلس السياسي الذي يرحب بتأسيس الحلف الإسلامي العسكري، وأشار بوضوح في نفس المستهل لتلك الرسالة:
" إنها ليست رسالة شخصية لحضرتك مع فائق الاحترام...ولكنها للأخوة والرفاق الذين يضمهم المجلس" ، مثيرا كما يقول ذ. صباح المختار انه (... يثير بعض النقاط وبعض التساؤلات في محاولة للفهم على أمل أن تتم بعض المراجعة للمواقف)، وكانت إثارة وتساؤلات ذ. صباح المختار قد وردت إلينا كجواب ، سواء كان مقصودا أو عبر هفوة فاتت على الأستاذ صباح المختار، فأرسلها عبر البريد الالكتروني إلى الجميع دون تمييز ما بين شخص معني بالمجلس السياسي أو خارجه، فوردت رسالة ذ. صباح المختار في 12 نقطة لم تكن جميعها تساؤلات، بقدر ما كانت مزيجا من الوعظ والاستنكار والتهكم وحتى التطاول، طال الكثير من القوى والشخصيات الوطنية العراقية التي استهدفتها رسالة ذ. صباح المختار.
ولا بد من الإشارة هنا بكل وضوح: إن ذ. صباح المختار قد وقع في خطأين لا يحسد عليهما ،فهو رجل القانون والليبرالي المنضبط المعروف في حسابات تصرفاته ومواقفه على الطريقة "الجنتلمانية" الانجليزية تناقض هنا في طريقة وأسلوب إرساله رسالة سياسية يراها هامة، دون مراعاة من هم المرسلة إليهم تلك الرسالة، مما أوقعه في تناقض وحرج كبير، فهو وإن قصد برسالته ظاهريا د. ضرغام الدباغ عنوانا شخصيا وسياسياً فقط على ( قاعدة إياك اعني واسمعي يا جارة) ، في حين أرسل تلك الرسالة المقصودة ، لا إلى د. ضرغام الدباغ؛ بل إلى كل أعضاء المجموعة البريدية التي راسلتها أنا شخصيا، وعددهم 71 ( شملت شخصيات عربية وعراقية وهيئات إعلام وأصدقاء لنا ) ، ممن وردت عناوينهم وأسماؤهم في رسالتي الالكترونية السابقة التي أرسلتها لهم ومن بينهم ذ. صباح المختار كانت مرفقة مع بيان (الأمانة العامة للجبهة الوطنية والقومية والإسلامية في العراق) ، بيان سياسي مقتضب خاص بالترحيب بإعلان التحالف الإسلامي العسكري الصادر يوم 15 كانون الأول/ ديسمبر 2015.
وإذا كان ذ. صباح المختار يقصد برسالته إلى الأخ د. ضرغام الدباغ الاستفهام وإثارة تلك النقاط مع " الإخوة والرفاق" في المجلس السياسي، فلماذا تَقَّصَدَ بتعميم الرسالة إلى الآخرين، واغلبهم ليسوا أعضاء في المجلس السياسي. وكان عليه أن يرسلها بصورة مباشرة إلى د. ضرغام الدباغ، بصفته الأمين العام للمجلس السياسي العام لثوار العراق ، وعلى الأخير تعميم الرسالة لمن يشاء، إذا رأى في ذلك مصلحة وطنية، وخاصة إلى من قصدهم ذ. صباح المختار، أي إلى بقية أعضاء المجلس السياسي.
وهنا يتحمل ذ. صباح المختار مسؤولية معنوية وقانونية عن قصده المعلن من خلال التشهير والسخرية بهيئة سياسية تضم مختلف التيارات والأحزاب والشخصيات الوطنية العراقية، كرسالة معممة إلى خارج المجلس السياسي، لا بقصد الحوار السياسي، كحق له مكفول في ممارسة النقد السياسي لهيئة هو احد مؤسسيها ولا زال عضوا في هيئتها العامة، فهو يناقش بيان سياسي لهيئة ينتمي إليها، ويرى انه معني ببيان صادر عن المجلس السياسي العام لثوار العراق، الذي يعرف الجميع : إن ذ. صباح المختار هو احد أعضاء الهيئة العامة للمجلس، التي اجتمعت في اسطنبول بتاريخ الأول من مارس ،2014 وترأس اللجنة القانونية التي وضعت وصاغت النظام الداخلي للمجلس، ولكنه كعادته ، ولا بد أن نُذّكر هنا، أنه لم يقبل أن يأخذ أية مسؤولية في قيادة وهيئات ولجان المجلس السياسي، بحجة عدم توفر الوقت لديه، ووعد في دعم المجلس وقبول أي تكليف يكلف به، وللأسف إنه لم يحضر الاجتماع العام للمجلس بدورته الثانية في الأول من مارس/ آذار 2015 بحجة سفره إلى السويد وفنلندا لإلقاء محاضرات له في ندوات كانت متزامنة عن حقوق الإنسان.
من المفارقة إن نقاط الاستفهام ألاثني عشر التي طرحتها رسالة ذ. صباح المختار على د. ضرغام الدباغ ومنه إلى المجلس السياسي، لم تناقش بيان المجلس السياسي الذي استهدفه ذ. صباح المختار موضوعا للهجوم والنقد؛ بل انه كتبها ، كما يبدو وهو واهم، ردا على استلامه منا بيان باسم (الأمانة العامة للجبهة الوطنية والقومية والإسلامية) ، الذي سبقه صدور ونشر بيان المجلس السياسي بيوم واحد، والدليل انه أرسل رسالته إلى د. ضرغام الدباغ ردا على البريد الالكتروني الذي أرسلناه له من الأمانة العامة للجبهة ،شمل الإرسال إلى 71 شخصية وهيئة سياسية وإعلامية، بغرض الاطلاع والنشر والتوزيع، وهم ليسوا بالضرورة كلهم أعضاء في المجلس السياسي أو حتى في الجبهة الوطنية، وقد يعنيهم أمر تساؤلات ذ. صباح المختار التي كان يجب توجيهها إلى من يهمه الأمر بشأن تساؤلاته.
سنحرص هنا على الرد على جميع النقاط ألاثنتي عشر في رسالة ذ. صباح المختار، وسنعلق عليها حسب ترقيمها في رسالته:
1 ـ يتساءل ذ. صباح المختار عن [عادة الأحلاف تؤسس بين أطراف ذات منهج وأفكار ومبادئ متقاربة إن لم تكن موحدة لذا ارجوا إفادتي عن المبادئ والمناهج والأفكار التي تجمع بين هذه الدول المكونة للتحالف].
وردنا : إن رجل القانون والسياسي الناشط ذ. صباح المختار كما عرفناه وتابعناه منذ سنوات يدرك تماما، ومن خلال الخبرات التاريخية المتراكمة عند من يعنيهم مدى التعلم من أحداث التاريخ السياسي والعسكري للعالم، القريب والبعيد، انه ما من حلف قد تم بين الدول ومجموعات من الأمم والشعوب والأقوام بشتى أنظمتها السياسية ومناهل أفكارها الإيديولوجية والعقائدية، وخاصة في زمن الاضطرابات السياسية والأمنية والعسكرية وحتى الاقتصادية إلا وكانت دوافعه المصلحة الوطنية أو القومية، وليس بالضرورة إن تحكم عقد التحالفات "الأفكار والمبادئ المتقاربة"؛ وإلا كيف يفسر ذ. صباح المختار تحالف الاتحاد السوفيتي، ذي العقيدة الاشتراكية والشيوعية، مع دول المحور الغربية في بداية أربعينيات القرن الماضي ودخوله الحرب ضد ألمانيا، بعد أن كان الروس من قادة " السوفيت" حلفاء مع ألمانيا ضد بولندا ودول أخرى استهدفها الرايخ الألماني واحتلها ، أمام صمت وسكوت موسكو، ؟ وكيف له أن يفسر لنا اشتعال جبهات الحرب العالمية من أقاصي اليابان والصين إلى الولايات المتحدة، حرب امتدت عبر كل القارات ضد ألمانيا النازية والهتلرية؟ هل كان ستالين يجتمع فكريا وإيديولوجيا مع روزفلت أو تشرشل؟ أم أن المصلحة لكل تلك الأطراف التقت فتحالفت تلك الدول بعد تمادي نظام هتلر وقيادة الحزب النازي وتحالفاته مع الفاشية الايطالية، مما وضع الجميع أمام مسؤولياتهم للتخلص من الخطر النازي ودولة هتلر الممتدة في فتوحاتها شرقا وغربا من برلين. وبعد سقوط برلين وانتهاء الحرب وما افرزنه من تقسيمات ونتائج بين المعسكرين، كيف يفسر ذ. صباح المختار ذلك التعايش والتحالف السياسي مع اسبانيا الفرانكوية [نظام فرانكو حتى وفاته] وضمها إلى حلف الأطلسي والمعسكر الرأسمالي الغربي؟ .
وإذا كان مثل هذا الأمر قد يحدث على مستوى الحكومات والدول خلال الحرب العالمية الثانية، فما الذي كان يجبر العديد من المقاومات الوطنية، وحركات التحرير، في اليونان وفي بولونيا وايطاليا واسبانيا وفرنسا ويوغسلافيا وغيرها من المقاومات في تأييد جبهات الحرب؛ بل وحتى الانضمام والتنسيق الأمني والعسكري والسياسي مع جبهة الحلفاء الواسعة بكل تلاوينها العقائدية ضد النازية؟.
نذكر الأستاذ صباح المختار، وهو ذي التوجه القومي العروبي، كما يعلن هو عن نفسه، أنه وللأسف سبق أن وقف وطنيون عراقيون، وخاصة من بعض الشيوعيين، والليبراليين، ومجموعة أخرى من أتباع حكومة بريطانيا، وحلفاء دول المحور في العراق، موقفا شائناً، لا يُنسى، ولازال مداناً حتى اليوم من قبل قطاعات واسعة من أبناء شعبنا العراقي وامتنا العربية، كان ذلك في بداية الأربعينيات من القرن الماضي، ضد حركة الضباط الأحرار وثورتهم 1941 وتمردهم على بريطانيا وعدم الخضوع إلى دول المحور، تلك الحركة التي قادها العقيد البطل الشهيد صلاح الدين الصباغ ورفاقه ومعها موقف الضد من دول المحور قادته حكومة رشيد عالي الكيلاني.
للأسف لم يتم تأييد حركة الضباط الأحرار حينها من قبل البعض بحجة : إن ذلك التحالف العراقي الذي عبر عنه قادة الجيش العراقي ومعهم التيارات القومية مع هتلر كان يضعف، حسب رأي آخرين، جبهة التحالف السوفيتي ومعه دول الغرب الليبرالي والرأسمالي في كفاحها ضد النازية وجرائمها آنذاك.كان ذلك أخطر موقف مرت به الحركة الوطنية العراقية حينها بتفاوت مواقفها من قضية التحالفات؟؟ خسر بها العراقيون كوكبة خالدة من الشهداء في حركة 1941 تم إعدامهم من قبل جلادي النظام الملكي وبتحريض من الحكومة البريطانية.
هل علينا اليوم أن ندين موقف الشيوعيين العراقيين ومن تبعهم من حركة 1941 أم نلوم القوميين العرب وأغلبية واسعة من العراقيين آنذاك ممن سارعوا إلى تأييد ألمانيا وطلبوا السلاح منها في أمل الخلاص من ورطة الاحتلال البريطاني، والتخلص من النظام الملكي الرجعي المتمثل في سلطة الوصي عبد الإله، وجرائم حكومة نوري السعيد الفاسدة الخاضعة والخادمة لتوجهات الانجليز من جهة والمعادية أصلا للشيوعية والاتحاد السوفيتي في العراق؟؟ ، لكن المصالح الوطنية والدولية فرضت حالة التحالف تلك؟ .
2 ـ حول الموقف من " الإرهاب" و " مقاومة الإرهاب" : نرى انه على ذ. صباح المختار أن يصحح معلوماته حول هذه النقطة وحول مثل هذه القضايا التي لا زالت تثير الجدل عن هذا المصطلح واستخداماته، ذلك ليس صحيحا، انه جاء مقترنا مع وصول الرئيس الأسبق جورج بوش إلى رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية، فقد سبقته، ومنذ السبعينيات، مناقشات واسعة، سياسية وقانونية، لتحديد وتعريف مصطلح " الإرهاب" ؛ لكن الدوائر الأمريكية والغربية الأوربية ظلت توصم وتتهم به مناضلي حركات التحرر في آسيا وإفريقيا وأمريكا اللاتينية، ووصل الغلو به حتى إلى اتهام حركات السلم الأوربية ومجموعات من اليسار الأوربي التي وقفت مع حقوق الشعوب الأخرى بـ " الإرهاب"،ودعت إلى محاربته.
كما شهدت سنوات الخمسينيات والستينيات إشاعة مثل هذا المصطلح من قبل حكومة فرنسا خلال الثورة الجزائرية ( 1954 ـ 1962)، وبعدها اتهمت معظم فصائل الثورة الفلسطينية بانتقائية، من فتح إلى الجبهة الشعبية والجبهة الديمقراطية إلى حماس والجهاد الإسلامي وغيرهم بالإرهاب، لأغراض في مختلف المراحل، خدمت التوجهات الصهيونية ومخططاتها ، مدعومة من قبل بعض الدول الغربية وفي مقدمتها الولايات المتحدة.
إن العائق الأول الذي منع العالم المتحرر وهيئاته القانونية والسياسية من تحديد وتعريف الإرهاب هو نفوذ الحركة الصهيونية التي ظلت تدافع عن ممارسات الكيان الصهيوني في فلسطين المحتلة ولحماية هذا الكيان من الاتهام بالعنصرية والإرهاب.
أما زجكم بعنوان حزب البعث في هذه الرسالة، وأنت اقرب المقربين من موضوعاته وقادته، وتعرفهم على مدى سنوات طويلة، كمثال بالاتهام بالإرهاب، فأنت الأعرف، أن سلطات الاحتلال والغزو الأمريكي وسائر الدول التي انخرطت في العدوان الثلاثيني 1991، وبعدها الغزو الأمريكي في 2003 وعلى رأسهم الرئيس جورج بوش الأب والابن فأنهما فشلا تماما بإقناع حتى الرأي العام الأمريكي والأوربي من أن حزب البعث العربي الاشتراكي كان موصوفا بالإرهاب، كحزب وعقيدة سياسية وسلطة وممارسة، ولكن جرت توصيفات أخرى لقيادته من قبل الإعلام الأمريكي ضمن الحملة السياسية لتبرير الغزو والاحتلال،.
لم نسمع بعد إن حزب البعث كان موصوفا ومصنفاً ضمن المنظمات الإرهابية، حتى في سنوات تصاعد المقاومة العراقية الباسلة ضد الاحتلال، وعلم الولايات المتحدة وقيادتها ومنظمات الأمم المتحدة بالدور الكبير الذي يلعبه حزب البعث في صفوف المقاومة العراقية. ولم تتجرأ الولايات المتحدة على إطلاق تهمة المقاومة العراقية بالاسم بالإرهاب؛ بل حاولت أن تصنع هنا وهناك من العملاء والطائفيين الذي نفذوا جرائم بشعة ضد المدنيين والعزل،ونشروا التفجيرات في كل أرجاء العراق، بقصد استهداف المقاومة العراقية، وإلصاق بها تهمة الإرهاب.
ونعتقد إنهم فشلوا تماما من تقديم أدلة قانونية وقرائن تدين حزب البعث وبقية فصائل المقاومة العراقية كمنظمات إرهابية أو بالإرهاب رغم كل التهريج والتصعيد الإعلامي الذي نشرته إدارة الاحتلال وساعدتها بذلك إيران وأبواق الحكومة الطائفية العميلة ببغداد.
وعلى هذا المنوال فان الأمثلة التي ساقها ذ. صباح المختار من دول التحالف الإسلامي العسكري التي منها، كما يرى المختار، ما تنظر إلى حزب البعث أو المجلس السياسي كمنظمات إرهابية، وهو يخشى وهو يسبح واهماً في دموع التماسيح، فيسعى بالتعبير عن حرصه من خلال تلك الأمثلة من ذبح المقاومة وحزب البعث والمجلس السياسي؛ لان هؤلاء عبروا عن الترحاب بصدور بيان التحالف وأيدوه بشكل أولي ومبدئي وبانتظار استطلاع بقية الخطوات المعلنة في "الحملة ضد الإرهاب" الذي تم تحديده من قبلنا وبكل وضوح ودقة في بيان الأمانة العامة للجبهة الوطنية وكذلك في بيان المجلس السياسي، أنه يتمثل في : ( داعش والمليشيات الطائفية فهما وجهان لعملة واحدة)، وينبغي محاربتهما بكل الوسائل، كما تم تحديد حواضن الإرهاب ودعمه متمثلا في مواقف حكومة إيران الصفوية وتحالفاتها التي دمرت العراق واستهدفت قوى المقاومة العراقية وسعت إلى اجتثاث ومحاربة حزب البعث العربي الاشتراكي في الموقع الأول من الاستهداف.
لقد حددت بيانات المجلس السياسي والجبهة الوطنية والقومية والإسلامية بوضوح أسباب وشروط ترحابها وتأييدها لهذا التحالف الإسلامي العسكري، وهي مدركة أن هذا التحالف السياسي العسكري بين دول إسلامية ومنها عربية، متباينة الأغراض والأهداف والنوايا والمصالح، وطالبت بيانات القوى الوطنية العراقية: إن هذا التحالف ينتظر إلى خطوات وبرنامج أوسع ولا بد من دعمه بحركة شعبية من لدن شعوب المنطقة كي يكون فعالا وناجعاً، ولا يحيد عن أهدافه المعلنة، كما جاء في نص بيان الإعلان عنه.
للأسف كانت قراءة ذ. صباح المختار لموقف المجلس السياسي انتقائية وسطحية، ومن دون وعي، وكان التسرع في محاولة تقديم الوعظ والإرشاد، وضمنها كان التهجم والتهكم قد افرز حالة من نرجسية وموقف سياسي غامض، وغير مدروس، ومتسرع ؛ خصوصا عندما تم إرساله إلى غير المعنيين بأمره، وكان على ذ. صباح المختار أن يعبر عن رأيه بمقالة علنية ينشرها على الرأي العام العراقي والعربي والدولي؛ لكنا من أول المنسجمين معه فكريا ولعمَّقنا معه الكثير من الرؤى المشتركة حول المخاوف المستقبلية من هكذا أحلاف تعلنها الدول وفق مصالح وأجندات، وحتى ضغوط محلية وإقليمية ودولية.
لقد كان دافع رسالة ذ. صباح المختار انتقائية بمجملها، سواء في إرسالها بشكل مقصود، وعندما توارى عن نشرها في وسائط الإعلام، وبذلك لكنا له من الشاكرين.
أن روح المزايدة والتشفي، وحتى التهكم، سادت لهجة رسالة ذ. صباح المختار، وخاصة اتجاه حزب البعث العربي الاشتراكي وقيادته، كما نلمس ذلك في النقطة السادسة من الرسالة عندما اختفى المختار وراء عبارات واضحة، كانت مملوءة بالنفاق السياسي والمداهنة غير المبررة أخلاقيا، كونها تحمل تناقضا مع هدف رسالته الواضح، من مثل ما ورد في النقطة 6 من رسالته :
( .6 أتفهم ان يقوم إخواننا في جيش النقشبندية بإظهار ولائهم لملك السعودية، وان يرسل القائد عزت إبراهيم بالتهاني للملك السعودي؛ بل وينضم إلى الحلف ! وقد يكون ذلك من باب الاعتراف بالجميل ! ولكني أجد صعوبة في فهم موقف المجلس السياسي في ذلك التماهي ! أم أن المجلس السياسي هو امتداد لنفس الخط، وكأني لا اعلم( !،.
وجوابنا يا أستاذ صباح المختار انك اقرب الناس إلى البعثيين في مجالسهم وأنشطتهم وشخصياتهم ومؤتمراتهم الخاصة والعامة، فكيف تدعي وتقول ( وكأني لا اعلم) موجها سهامك إلى صديقك الدكتور ضرغام الدباغ، والى المجلس السياسي الذي يمثله د. ضرغام الدباغ ، وسبق أن تم اختياره بالإجماع بكل الأصوات الحاضرة ، ومنها صوتك، حيث تم اختيار الدكتور ضرغام الدباغ كأمين عام للمجلس السياسي، فكيف تتهم موقف المجلس السياسي والدباغ من ضمنه بـ " التماهي" ؟ ، وكيف تتساءل هنا، ومن دون براءة ، حتى وان كانت غايتك، براغماتية صرفة، ووردت في صيغة تمثل قمة الانتهازية السياسية، وفي سؤال تدرك انك من أكثر الناس قدرة على الإجابة عليه بسؤالكم الغرائبي عن: (... أم أن المجلس السياسي هو امتداد لنفس الخط ؟ ) ... سبحان الله يا سيد صباح : إلى أي عمق كانت البداهة السياسية لديك تتغيب وتنعكس في تساؤلات ذ. صباح المختار؟ ، هل هي حالة صحو مفاجئة ؟ أم أنها تجليات عن غياب الوعي المعمق؟ أم خلل ما في التبصر؟ ، تفرضها ظروف خاصة يعرفها ذ. صباح المختار. ولا نريد هنا في الخوض فيها هنا بعيدا عن هدف هذا الرد المحدد بنقاط رسالة الاستفسار المختارية للدباغ والمجلس السياسي.
3 ـ رحم الله أبا فراس الحمداني، القائل وهو يئن من خلف السوار سجنه في رومية منشداً: ( تسألني من أنت وهي عليمة... لكن مثلي لا يذاع له سر) ، هل حقا ضاعت على ذ. صباح المختار اتجاهات البوصلة ووضوح الرؤية لكي لا يعرف إن هذا التحالف لمن سيستهدف؟ ولمصلحة من سيحارب؟ ولماذا تم تأسيسه وحيثيات تشكيله؟ وتوقيته ؟ ولماذا تم تجاهل دعوة حكومة إيران وتوابعها حكومتي حيدر ألعبادي وبقايا إمارة آل الأسد في دمشق؟ .
نظن ونحن لا نريد أن ندخل مع صباح المختار ولا مع غيره في جدل بيزنطة عن أولويات الصراع في المنطقة، خاصة وهو يدعي دائماً أنه بات خبيرها ، وهو الذي كثيرا ما أراد أن يعلمنا السحر السياسي والانبهار في طرح المواقف، هل كان يريدنا أن نكون من حُجّابه، لكي نهز رؤوسنا له بالإعجاب ، ولما كان يُنَّظر إليه، ويحلل به من ( أن الدور الإيراني بات خطرا ويجب إيقافه والعمل على مواجهته بكل السبل الممكنة)، فما الذي تغير؟ .
وإذا كان ذلك هو خطاب صباح المختار، وقد سمعناه مراراً، وهو يوجهه إلى منظمات الأمم المتحدة والدول العظمى محذرا من مغبة ترك التَغَّول الإيراني يفعل ما يريده حكام طهران من عبث مدمر في المنطقة، فماذا تغير عند المستر صباح المختار؟؟ ولماذا يستنكر علينا موقفنا في دعوة الدول العربية والإسلامية لحسم مواقفها المترددة والمتفرجة على ما تفعله إيران في العراق وكامل المنطقة العربية والى دول الجوار الإسلامي وحتى الإفريقي، ساحبة إلى جنبها دببة التدخل الروسي ومافياتهم، والذي لا يمكن مواجهتهم إلا بحشد دولي قوي وواسع النفوذ، وان اختلفت تلاوينه ومساربه وتشابكاته ومصالحة الفردية والفئوية، بات مؤمنا بأولوية محاربة الإرهاب بكل عناوينه طالما أصبح مضرا بمصلحة السلم العالمي والاستقرار في أغلب بلدان المشرق العربي، إن لم تكن كلها. هذا التحالف الإسلامي العسكري بات مفروضا ليواجه العالم الإسلامي ذلك التوسع الإيراني في العراق وسوريا ولبنان واليمن وغيرها.
لقد بات مطلب مواجهة إيران وسياساتها وطموح قادتها وسعيهم في إشعال الصراعات الطائفية والمذهبية وإدارتهم لشبكات المافيا الاقتصادية، وتنظيم عمليات الاختلاس والسرقة والقتل المبرمج لأبناء شعبنا وامتنا مساراً بات خطرا، وهو ما يدفعنا إلى إن ندفع بالعرب والمسلمين قبل غيرهم، إلى مواجهة ما يجري وإيقاف شرور إيران في غياب موقف عالمي يقف إلى جانب قضية شعبنا الذبيح، الذي يتفرج عليه الكثيرون، وهو يدفع كل يوم جرائم المليشيات الإيرانية ودعم النظام الإيراني لرميم حكومات متسلطة بقوة الإرهاب في كل من سوريا والعراق واليمن.
هل خفي على ذ. صباح المختار إن خارطة التحالفات السياسية والعسكرية تحتاج إلى متابعة دقيقة والى ضبط المواقف التي تكفل حماية شعبنا واستمرار مقاومتنا الوطنية التي أنهكها الإرهاب الأعمى الموصوف بداعش ومليشيات إيران الصفوية الحاقدة على شعبنا وامتنا.
إن عزلتنا عن المجتمع الدولي، بحكم ظروف الحصار الطويل والمقنن علينا أمريكيا وصهيونيا ، لا تمنعنا أبدا من إمكانيات فتح أية فرصة للحوار وللوصول إلى قنوات اتصال مع الدول العربية والإسلامية المتحالفة في هذا التحالف وغيره؛ لأجل التبصر بما آلت إليه الأمور في العراق، وهو بلد شبه مُقَّسَم، تفعل به إيران الصفوية وحلفها الطائفي الأسود البغيض كل ما تريد، وهي تمارس الإرهاب بكل أشكاله.
لقد وصل المجتمع الدولي، إلى وضع النقطة الحرجة، وخاصة تلك الدول الإسلامية ( 34 دولة منضمة إلى التحالف الإسلامي العسكري مضافا لها عشرة دول أخرى أيدته)، وهي حصيلة مهمة تضم شعوب ودول وأقوام وجدت في رباعي طائفي ومذهبي ممتد كالإخطبوط في ( إيران وإتباعها في العراق وسوريا ولبنان واليمن) وأضحت تستغله روسيا القيصرية البوتينية الجديدة لأغراض فرض تواجدها وتوسعها الاستراتيجي نحو المياه الدافئة، لتجد في "داعش" ومثيلاتها من المليشيات وتشكيلات ما يسمى الحشد الشعبي، مخلب قط لتدمير بنياتنا الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، ولعل في وجودنا بجانب هذا التحالف الإسلامي العسكري أو السياسي فرصة لحماية شعبنا من مزيد التخريب الهمجي والظلامية الذي سارت عليها حكومة إيران الصفوية.
لم نضع أنفسنا في خانة احد مطلقا، وقد عبرت بيانات المجلس السياسي العام لثوار العراق والأمانة العامة للجبهة الوطنية والقومية والإسلامية بوضوح عن شروطنا وحيثيات ترحيبنا وتأييدنا لإعلان هذا التحالف ، والسيد صباح المختار هو أول العارفين: من أن هذه القوى الوطنية والقومية والإسلامية في العراق لم تستفد يوما من أي دعم من هذه الدول الرئيسية في التحالف الإسلامي العسكري، وخاصة الدول الخليجية، وقوانا الوطنية ، غير الفئوية والطائفية والمذهبية وهي تبنت خيار المقاومة، نأت بنفسها وبكل وضوح عن الارتزاق المادي والسياسي بمواقفها الواضحة من الاحتلال ومن العملية السياسية، وعبرت عن موقف وطني عراقي واضح باستقلالية القرار الوطني العراقي، بعيدا عن الطائفية والانحياز إلى عواصم مثل الرياض أو الدوحة والحج إليها برحلات الشتاء والصيف، بدوافع المصلحة أو التكسب المالي أو السياسي والإعلامي؟ .
ونتحدى السيد صباح المختار أن يشير ولو إلى حالة واحدة ارتزق بها قادة ومسئولي تنظيماتنا وطرقهم لأبواب حكام الخليج العربي أو تركيا أو مصر أو بقية الدول التي دخلت التحالف الأخير وغيرهم من أجل طلب المساعدة أو الدعم رغم ظروف المقاومة الصعبة في العراق منذ 2003.
إن موقفنا المعلن نابعا عن حرصنا أن لا نكون خارج المعادلات السياسية الموضوعة، ولكي لا نبقى هامشا، ولا يمكن لنا نبرر يوما غيابنا عن الحدث الوطني والإقليمي والدولي، أذا ما أتيحت الفرص لنا، سياستنا واضحة تجاه قوى شعبنا وتجاه أشقائنا العرب والمسلمين، حكومات وشعوب، لا نرضخ تحت حجج التعفف السياسي، إلى الصمت والانعزال والتفرج. ولا يستثيرنا الانفعال اللحظي بما يدعو إليه السيد صباح المختار وهيئات أخرى، نراها بملء السمع والبصر، وهي ترتزق وتتاجر بآلام شعبنا طائفيا ومذهبياً، وباتت تدعو علانية إلى تقسيم العراق، وصار همها الأول ، وبمختلف مسمياتها، أن تغترف من سحت المال السياسي المقبوض من هذه الجهة أو تلك، مال وإعلام وامتيازات مقبوضة الأثمان يعبأ في الجيوب والأرصدة، مهما كان مصدره، هل نعدد للسيد المختار كم هي الواجهات والقوى التي باعت العراق وهي تسعى جاهدة إلى تشكيل المنظمات والواجهات العراقية للتضليل عن حقيقة أهدافها الحقيقية.
وهي تعمل في ذات الوقت على تقسيم الجهد الوطني العراقي وتجزئته كي تحصل من خلال ظروف الانقسام على فرص المتاجرة بآلام شعب العراق ومحنته الوطنية.
كم من منظمة يقترب منها السيد صباح المختار يراها ولا ينتقدها بصوت مسموع، وهي التي تتكسب من أموال تلك الدول، التي يعيب علينا صباح المختار حتى حقنا في إعلان بيانات سياسية تعبر عن قناعات جماهيرنا وموقفها من تحالف دولي اسلامي الطابع، وللترحيب بمستجدات سياسية وإستراتيجية قبل أن تعصف ببلادنا الأعاصير من كل جهة وتفرض على العراقيين ظروف المنطقة العربية والمشرق العربي خاصة المقدم على طاولات التقسيم لمشروع سايكس بيكو جديد.
نحن نرى مواقفنا، انطلاقا من ثقتنا بقدرة مقاومتنا الوطنية على الصمود، إننا لا زلنا نمثل رقما عراقياً لا يستهان به في آية عملية عسكرية أو أمنية أو سياسية تنال من حقوق شعب العراق أو تحاول تقسيمه أمام الأطماع الإيرانية، الرابح الوحيد من محاولات تقسيم العراق.
نرى في التحالف الدولي فرصة ومحطة هامة، لكي توضع قضية العراق في أولويات الحلول المنصفة القادمة، من دون تفريط أو ألحاق أو غياب لتمثيل العراق، إذا ما سنحت الفرصة لأحرار العراق وثواره في الحضور والحوار، في كل مكان عادل، يسعى لإيجاد الحلول المستقبلية الضامنة لوحدة تراب وشعب العراق.
4ـ إن ما اشرنا إليه في النقطة الأولى حول ضرورات التحالفات بين حركات المقاومة والتحرر الوطني كثيرة وفيها ما يكفي من الأدلة والعبر، ونسأل كم هي حالات التحالف التي عقدتها حركات التحرر الوطني والمقاومات الوطنية في سعيها إلى الاستقلال أو استعادة الاستقلال الوطني وطرد المحتلين، مع دول كانت تحسب على الموقف الرجعي أو التقدمي، الرأسمالي إلى الاشتراكي.
كانت علاقات الثورة الجزائرية وحتى الفيتنامية والجنوب افريقية خير أمثلة دالة وحية حيث ارتبطت قيادات تلك الحركات والثورات بصلات وعلاقات تعاون مع الدول المجاورة لها وخاصة مع المحيطة بها. سعت إلى الوصول حتى إلى دول أخرى قريبة أو بعيدة، منها ما كانت تناصبها العداء أو الخصومة والجفاء لدوافع ما، من اجل إيصال صوت شعوبها إلى أي محفل وطني أو إقليمي أو دولي.
5ـ إن ذ. صباح المختار، الخبير القانوني والناشط السياسي، لن نسمح له إلى هذا التدني في السقوط إلى مثل هذا المستوى بمقارناته غير الموفقة، منها كتلك التي جاءت في النقطة الخامسة بقوله: (.5 : حكومة ألعبادي في بغداد المحتلة لم تدخل الحلف، ولكن الدكتور إياد علاوي في نفاقه للسعودية أعلن تأييده ودعمه من )باب اللواكة( فما الذي يدعو المجلس السياسي لنفس المنحى). !
هل يقتنع ذ. صباح المختار بمثل هذه المقارنة بين مجلس سياسي يعرفه صباح المختار جيداً، وهو الذي جلس يوما على منبر تأسيسه، ويعرف من به من صفوة الرجال والمناضلين الوطنيين العراقيين ليضعه في مقارنته، بمستوى حكومة ألعبادي أو إياد علاوي، وهو يعرف إنهم من بقايا نفايات الاحتلال، ينتظرون تنفيذ أدوارهم، من مَن سيدعوهم ، ولو إلى مزبلة أو قمامة سياسية، فكيف يمكن أن يذهب أصحاب هذا التحالف الإسلامي ، مهما كان موقف المختار منهم، إلى دعوة أمثال ألعبادي .
إن حسرة اؤلئك المتباكين في المنطقة الخضراء، من سنة وشيعة المالكي على، هذا التجاهل الإسلامي في الحلف الجديد لهم، نابعا عن قناعتهم إنهم باتوا مستهلكين إلى حد القرف، ولم يدركوا بعد إن تلك العملية السياسية التي نصبها الاحتلال قد وصلت بهم إلى طريق مسدود.
وان العراق في مأزق تاريخي تهدده أطماع فصائل العملية السياسية الغارقة بالعمالة إلى إيران وفي الطائفية المقيتة التي تهدد بتقسيم العراق؛ إن لم تمحوه من الخارطة السياسية.
الم تدعو أنت يا مستر صباح المختار إلى فضحهم، كعملاء ليس لديهم بعد سوى فضائحهم وليس هناك من شيء ذا قيمة، يمكن أن يسوقوه إلى العالم ليعترف لهم بدور آخر.
أربأ بنفس استخدام ( باب ....) لوصف موقفك هذا الذي أوردته في مزايدة سياسية برسالتك للمزايدة بها بفرقعة إعلامية لا طعم لها، لا غير ستندم عليها يوماً، لأنها لم تأت منك هنا بدوافع الحرص على الحوار الوطني المطلوب القيام به بين أحرار العراق في أُطر منظماتهم الوطنية، وحتى في نطاق مساعي المصالحة الوطنية، ولم صفوف ما تبقى من أحرار العراق، فكيف وأنت لا زلت منتظما وناشطاً في كل هذه العناوين السياسية التي تنتقد مواقفها من خلال عتابك ورسالتك الموجهة إلى د. ضرغام الدباغ، ومنه إلى بقية " إخوانك" و " رفاقك"، وخاصة البعثيين منهم؟ كما تدعي فيها ؟ . سبحان الله مُبَّدل الأحوال والأجواء؟؟ كيف أصنفك هنا وأنت ترى في نفسك ذلك الكثير من المواصفات: أيها الليبرالي الثوري التقدمي الحقوقي والسياسي والعروبي والقومي، حينما يختار موقعه وميكرفون تصريحاته وانتقاء عباراته ومصطلحاته ؟ .
6 ـ وتلك سادسة الأثافي، ومنتهى النفاق السياسي والانتهازية، وأنت تستدرك في عفوك، وتعلن تفهمك لموقف رجال الطريقة النقشبندية والقائد عزت إبراهيم من المملكة السعودية، والإشارة إلى تهاني عزت إبراهيم إلى الملك السعودي بالإشارة والتذكير " إلى رد الجميل." .. الخ.
ليتك يا صباح المختار أن تنورنا بسر هذه العلاقة؟ وما هو "رد الجميل" الذي لا نعرفه بين النقشبندية وعزت إبراهيم والسعودية؟ .
أظنك تلمح إلى قضايا دبلوماسية وسياسية سابقة متداولة في العلن، وفي الإعلام، ولم يخفيها البعثيون في نشراتهم ومواقعهم الإعلامية وتصريحاتهم، أين جرت مراسلات وتبادل برقيات بين عزت الدوري والقادة السعوديين، تصرف بها مجتهداً " القائد عزت الدوري" [حسب توصيفك] كرجل دولة وقائد حركة تحرير؟؟ ... أم انك ترى في ذلك مثلبة عليه؟ وتخونك الشجاعة هنا حتى على الإشارة إليها بكل وضوح ومن دون مواربة وزيغ عن الحقائق ؟ .
فقط نود أن نذكرك إن الرفيق عزت الدوري وقيادة حزب البعث العربي الاشتراكي، حسب علمي، انه حتى هذه اللحظة، لم يعلنوا موقفهم الرسمي من التحالف الإسلامي العسكري، رغم أن كل المؤشرات السياسية والتوقعات تشير إلى إنهم سيعلنون مواقفهم من التحالف بشكل واضح وعلني وبكل الصراحة التي عودوا عليها شعبنا العراقي، في أقرب وقت يتسنى لهم الإعلان عنه.
7 ـ أصدقك القول في نقطتك السابعة إن: ( 7 ـ الشقيقة المملكة العربية السعودية التي احتضنت ثلاثة ارتاع مليون جندي أمريكي لغزو العراق والتي لا تزال تدعم البادي باعتباره رئيسا )الحكومة الشرعية( وفتحت أمس سفارة لها في بغداد لذلك. لا أظن أن تأييد المجلس السياسي العام لثوار العراق لتلك الخطوة له مبرر).
ولكن السياسة يا صديقي صباح المختار علمتنا إنها تخضع كما قيل عنها إنها : ( فن الممكن... وانه لا توجد فيها صداقات دائمة ... ولا عداوات أبدية...ولا تحالفات ثابتة ) ، وأنت أيها المواطن البريطاني، تعرف من خلال موقعك السياسي والقانوني في لندن، وبما تمتلكه من الخبرة التي نشهد لك فيها : أن السياسة لا تخضع دائما إلى المبادئ والمثل التي نتمناها " نحن الدراويش" في أنها تبقى دائما نقية : بيضاء وناصعة ومثالية وهي تخضع إلى الجبرية والاختيارية أيضا، وحتى تخضع إلى الضغوط والى تطبيق الميكافيلية أو البراغماتية الذرائعية والنفعية ، التي تتمتع بها أنت، وعدد من " الأفندية" أفضل منا، خصوصاً حينما تريد أن تغير من مواقفك، بحكم التبرير آو الخضوع لمستجدات الأمر الواقع والمعاش.
لا أريد أن اطرح هنا قضايا شخصية لك، فيها من التناقض ما يجعلني استغلها ضدك من منطلق النفعية السياسية؛ بحكم ما تعرفه أنت، ويعرفه الكثيرون من اقرب الناس من حولك، منهم من تعايشوا وعملوا معك أو صرحوا ضدك، في مختلف التنظيمات والأنشطة السياسية التي تضمها سيرتك المهنية والسياسية. اعرف منها القليل، خاصة، وفي كل مرة تعلن انك المستقل وفوق الأحزاب و... و.. ولا أريد أن أقدم هنا كشفاً لحساب سياسي عنك، أكثر مما أردت التنويه عن بعضه لك.
8ـ النقطة الثامنة: في رسالتك، هذه ، كنت استبشرت منك خيرا بقولك عنها: ( إنها كانت النقطة الأخيرة) ، فهي معلومات عامة لا تستحق مناقشتها، ولكن تحكم عليك بعدم الدقة حينما قلت عنها الأخيرة من النقاط ؟؟ ولكنك أردفت وراءها أربعة نقاط أخرى، مما يدل انك لم تكن دقيقا وواضحا في وضع رسالتك بشكل وأسلوب "جنتلمان" انجليزي يعرف أين يضع النقاط على الحروف، ويعرف كيف يركب الجمل المطلوبة، كخطاب سياسي، ويستغل المعطيات التاريخية والسياسية لصالح حججه ومواقفه عندما يريد أن يعارض.
9ـ ربما يطول عليك الوقت حتى يتكرم عليك د. ضرغام الدباغ، ويثلج صدرك بالإجابة التي تتمناها منه سريعاً وكي يخبرك: في ما إذا كان البيان السياسي للمجلس حول التحالف الإسلامي العسكري أو غيره من تلك البيانات الصادرة عن المجلس، قد كتبه شخص واحد، وان تكون الاستشارة حول صدور وأسلوب ونص البيان قد مرت دون علم الدكتور ضرغام الدباغ ، وهيئات المجلس السياسي، التي وضعت أنت بنفسك فقرات نظامه الداخلي وحددت آليات العمل فيه، وكنت قد صغت مع الآخرين برنامجه السياسي أيضاً.
وبما انك قد خلطت بين بيان المجلس السياسي العام لثوار العراق وبين ما وصل إليك عبر البريد الالكتروني، مني شخصيا، بيان الأمانة العامة للجبهة الوطنية والقومية والإسلامية، المعبر عن تأييدنا وترحيبنا بالتحالف الإسلامي العسكري فأطمئنك شخصيا، رغم انك لست عضوا في تشكيلات وأمانة الجبهة الوطنية والقومية والإسلامية في العراق، بأن بيان الجبهة قد جرت المداولات حوله بين أعضاء الأمانة العامة قبل صدوره ، وصدر بالإجماع بعد التشاور حوله، وتضمن آراء أغلب ممثلي الفصائل الوطنية وشخصياتها في الأمانة العامة للجبهة، ومنهم من الإخوة من يتواجد في عضوية المجلس السياسي العام لثوار العراق. والحمد لله كانت وجهات النظر متطابقة في عموم نقاط البيان، ولم تكن الصيغة التي صدرت للبيان قد تمت بأمر أو توجيه، لا من هذا الحزب أو ذاك، ولا من تدبير هذا المسئول أو ذاك. وكان لي شرف إرساله إلى هيئات الإعلام العراقية والعربية وأرسلناه إلى عدد من الشخصيات الوطنية والعربية للاطلاع عليه أو نشره،. وكنت يا صباح المختار ضمن القائمة التي ضمت 71 شخصية التي وقع الاختيار مني عليها شخصيا لكي يتم اطلاعك على البيان وهو في طريقه للنشر؟ لكنك تكرر للمرة الثانية توجيه السؤال المطلوب إلى آخر.
وهذه المرة تم توجيه السؤال إلى الدكتور ضرغام الدباغ، وكان يجب الاستفسار من الأمانة العامة للجبهة الوطنية والقومية والإسلامية، وأنت تعرفهم جميعا كي تحصل على الإجابات الشافية والمطلوبة في تساؤلاتك في هذه الرسالة.
أوصيك أخي وصديقي ذ. صباح المختار، بما يتندر به العراقيون في بعض الحالات لمن يصاب بالحَوَّل البصري بالقول ( لا تخلط بجانب الإستكان) ، والاستكان كلمة عراقية شائعة، هي كأس الشاي الصغير، واصلها انجليزي، وهي مختصر لعبارة، يعرفها الأستاذ صباح المختار، بحكم حنكته ودقته اللغوية وتمكنه من الانجليزية والعربية معا.
10 ـ أجمل ما قرأته لك في كل رسالتك قولك : ( كما تعلم إن ما أوقع العراق في النكبة التي هو فيها كان هو نفس هذا السلوك وقد حان الأوان أن نكون أكثر صدقا مع أنفسنا وأكثر ائتمانا على وطننا).
واكرر معك القول هنا بعشرات المرات أيضا : (حان الأوان أن نكون أكثر صدقا مع أنفسنا وأكثر ائتمانا على وطننا) .... فهل كنت صادقا مع نفسك ومنسجما مع قناعاتك وأنت ترسل الرسالة إلى من يهمهم الأمر، وأغلبهم، منهم خارجه، لذا أطلب منك أن تتحلى بالجرأة السياسية، وتنشر الرسالة كما هي، بما تتمكن به من وسائط الإعلام المكتوب والسمعي البصري، وأنت قريب من كثير من المصادر الإعلامية لكي يطلع عليها الرأي العام لتصحيح المسارات التي قادتنا إلى النكبة ، وليس التوغل الانتقائي الجانبي في جزئياتها الفرعية والظرفية، بطريقة لعب الغميضة عند الأطفال اليافعين أو المغفلين أحيانا.
11 ـ أظن إني قد أجبتك التو على كامل تساؤلات رسالتك ، وأنت تعرفني جيدا، إني لست بعثيا، وتعرفني إني عشت معارضا لفترات طويلة للبعث ، وكما تعرف أنت أيضا عن الأخ د. ضرغام الدباغ واستقلاليته الفكرية التي عبر عنها ، منذ خرج عن التنظيمات الحزبية للبعث، كحزب، بيسارها ويمينها، ودخل من أجل مواقفه السجن والاعتقال قرابة 14 عاما، بما فيها معاناته بحكم الإعدام، وبعدها بقاؤه في زنزانات المؤبد، ولكنه، د. ضرغام الدباغ مثلي تماما، وأنا من طينته الوطنية العراقية، ظل مؤمنا بضرورة امتلاكنا وتسلحنا الدائم لقدرة التسامح الوطني، والسمو على الخلافات القديمة منها والمستجدة، وعملنا من خلال المجلس السياسي العام لثوار العراق وغيره من التنظيمات الوطنية الحالية، تبقى ملتزمة بروح الثقة والتفاؤل بالمستقبل، والتفهم لمواقف رفاقنا بعضهم للبعض الآخر، أينما وحيثما كانت توجهاتهم ، وكان عليك إرسال مثل هذه الرسالة، وعلى ضوء استشهادك بما يقوله الإسلاميون في نقطتك 11، وكذلك )حسب التعبير العلماني) كما قربته لنا ،حين يقولون [ ... من رأى منكرا فليغيره بيده فان لم يستطع فبلسانه فان لم يستطع فبقلبه وذلك اضعف الإيمان. أليس حري بالبعثيين قبل غيرهم أن يفعلوا ذلك إن كانوا مخلصين] .. الخ.
كان عليك أن توجه رسالتك إلى من تراه القائد بشخص عزت إبراهيم، ومن هم تحت قيادته من البعثيين لتسألهم مباشرة عن فحوى أسئلتك وما يقلقك، لتتأكد بنفسك " إن كانوا مخلصين" ،[ حسب تعبيرك] ، وأمام هذا التعبير الأخير الذي يشكل في صياغته ظن آثم فعلاً، أجد نفسي أرد عليك ، من انك تعرف البعثيين، في ما إذا كانوا مخلصين أو غير مخلصين، وفي حالة قناعتك بإخلاصهم؟ فلا حاجة إلى التشكيك أصلا في ثنايا سؤالكم الموجه إلى د. ضرغام الدباغ. يكفي أن أذكرك بأن حزب البعث وعلى مدى سنوات طوال ظل مخلصا لأهدافه ورسالته وقدم من اجلها تضحيات كبيرة مشهود لها حتى من قبل أعدائه، فكيف لا يلمسها شعبنا وقوانا الوطنية حينما نرصد له على مدار الساعة تقديم الكثير من التضحيات، وقد بلغت مئات الألوف من ضحايا المطاردة والاغتيالات السياسية والاجتثاث وإعدامات قادة الحزب. لقد أكد البعثيون إخلاصهم لمثل المقاومة والثورة والانتماء للوطن والأمة ، ولا يشك احد بمدى إخلاصهم لشعبنا العراقي وامتنا العربية. قد تكون شهادتي متواضعة وناقصة جدا أمام إخلاص البعثيين واستعدادهم للتضحيات الكبيرة من اجل تحرير العراق واستعادة بناء الدولة الوطنية التي استهدفها الغزو والاحتلال والتآمر الصفوي الفارسي والصهيوني.
أما إذا وصلت قناعاتك بأنهم غير مخلصين...فذلك شأن آخر، يدفعنا إلى التساؤل: لماذا تتمسك بصداقتهم؟ وتدور في طوافك دائم حول قبلتهم وبجوارهم وتنخرط في بعض منظماتهم وأنشطتهم التي تشكك فيها كما تظن أنت؟. ومن جانب آخر، لكنك في خلواتك ومجالسك الخاصة ؛ وانأ لمستها عندك، في واقعة سابقة لي معك!! عرفت انك تتفادى مواجهتهم أو إطلاق ما تراه من حقائق تستوجب الكشف عنها أو نقدها في أوجههم... فقل وأنت حر... قلها ولا تخش في قول الحق لومة لائم، كما يقال .. وسنكون معك إن أنصفت بالعدل والموضوعية بتقييمهم في دورهم الوطني والقومي.
ولا ادري إن كانت رسالتك هذه تدرج في أبواب الانفصال بالطلاق آو بالتراضي بالانفصال؟ أم أنها تتم وفق شرعنة الخلع ، وكلها تعابير قانونية وشرعية وضعها الإسلام للجمع بين لأي شريكين اختارا العيش معا دون نفاق اجتماعي أو سياسي.
12 ـ سؤال وجهته يا صباح المختار إلى حزب البعث، وعلى البعثيين، آن يجيبوك عليه، لكن البعث ليس وحده من يصنع المواقف السياسية، سواء على مستوى الجبهة الوطنية والقومية والإسلامية في العراق والمجلس السياسي فبجانبه حلفاء وقوى وطنية ، منها عروبية القومية وإسلامية التدين، وحتى هناك من هم بتوجهات ماركسية وشيوعية، وهم بتداولهم حول المواقف الوطنية المطلوب اتخاذها، لا يرون في كل هذه الدول التي استعرضتها في رسالتك أنهم ، مسلمون، أو متأسلمون، أو بعضهم من ملة كفر ما، فلا هم ملائكة أو شياطين؛ بل هي مجموعة دول مختلفة توزعت بين آسيا وإفريقية، لها مصالحها في هذا التحالف.
وعندما يتساءل الأستاذ صباح المختار عن المشتركات التي تدفع دول عربية وإسلامية معينة إلى مثل هذا التحالف الإسلامي العسكري ، يمكن إجابته بجملة واحدة هي "مواجهة الإرهاب " فعلا، الإرهاب الذي امتد إلى تخوم وحدود بلدان عربية وإسلامية عديدة انطلاقا من العراق، وبتخطيط ماكر من طهران، وإذا ما تساءل الأستاذ صباح المختار عن المشتركات بين الدول في مثل هذا التحالف، فلا اعتقد يغيب عنه ما يربط البلدان العربية خاصة من وشائج الدين والقومية واللغة والتاريخ والحضارة والثقافة، حتى وان قسمتنا الظروف ومواقف الحكام، لكن هناك من الأمثلة عن استغلال مثل تلك المشتركات ما يملأ مجلدات، خصوصا ، وهو لا ينسى: إن من جملة صمود العراق أمام الهجمة الخمينية على العراق كان الدعم العربي السخي الذي قدم من بلدان عربية، كان متفاوتا ولكن وصل بصيغ عدة، منها قدمت أبنائها عمالا وأيادي كادحة غطت قطاع الخدمات في العراق جاءت من مصر، وبذلك وفرت مئات الألوف من الرجال من أبناء العراق للتوجه إلى الجبهات لصد الغزو والهجمات الإيرانية على مدى ثمان سنوات، بينما قدمت بلدان عربية أخرى، وخاصة دول الخليج العربي، دعما ماليا ولوجستيا للعراق في معركته ضد حرب ايران.
لا بد من استعادة تلك المواقف من جديد إذا ما اعتبر حكام دول الخليج العربي بالعبر والدروس المستخلصة، ومعهم بقية الدول الإسلامية التي ظلت تتجاهل وضع شعب العراق ومنها من تورطت في الإسهام في عملية غزوه وتسهيل احتلاله. كان ذلك من أكبر الأخطاء الفادحة في تاريخ العرب والمسلمين في تاريخنا المعاصر.
ولا ضير أن يكون لنا نحن الوطنيين العراقيين مصلحة في هذا التحالف الدولي أو ذاك؛ طالما نرى فيه مستقبلا في إضعاف الهجمة الإيرانية الصفوية الاستيطانية في العراق، وهي أصعب حالة استعمارية يمر بها العراق، خاصة عندما يقترن النفوذ والاستعمار الأجنبي بحالة استيطانية تكتسح مدن وقرى العراق، فإيران تدفع الملايين من أتباعها للاستيطان فوق أراضي العراق، وتغير من خارطة الديمغرافيا والسكان وفق مخطط طائفي بغيض، وتؤدي من خلال الجرائم والاعتداء على أهالينا في العراق إلى النزوح وفرض الهجرة القسرية، وتفرض حكم المليشيات، وانفلات حالة الدولة وتفكك المجتمع وليس أمام هذه الغزوة الاستيطانية الجديدة لا نرى سوى الاستنجاد بالمجتمع الدولي وهيئة الأمم المتحدة ومنظمة المؤتمر الإسلامي والجامعة العربية والاتحاد الأوربي، وكلها هيئات سبق لصباح المختار آن طالبها بالتدخل لإنقاذ العراق وما عليه اليوم إلا العمل ليقرن أقواله بأفعاله، ليتوجه إلى دول وهيئات وقيادات هذا التحالف لأجل إنقاذ العراق؛ بدلا من أن يعيب علينا مجرد الإعلان عن ترحيبنا وتأييدنا وبشروط واضحة وجلية.
كنا نأمل من المختار وغيره التريث لفهم حقيقة دوافعنا الوطنية والقومية والإسلامية بحسن النية وبعيدا عن الريبة ونظرية المؤامرة..
كل قلوبنا مملوءة قيحا يا صديقي وأخي صباح المختار ، وأنت أدميتها أكثر.. هل أذكرك بمثل عربي قديم يقول لمثل حالتك:
ما هكذا تورد الإبل يا اميمة
بقية لي وصية أخوية غالى أخي وصديقي الأستاذ صباح المختار: ما كان عليك أن تقدم كل هذه المواعظ في رسالتك، وتبخل على الجميع باقتراح ما هو المشروع البديل الذي تراه مناسباً لوقف الإرهاب؟ ولوقف إيران عند حدودها؟ وكيف نحمي شعبنا من مذابح الإرهاب والمليشيات الطائفية المنفلته والموغلة بتنفيذ جرائم الأحقاد التي تغذيها إيران وقادة المليشيات؟ وكيف يتم تحرير العراق من دون توفير دعم عربي أو اسلامي أو دولي؟ .
رحم الله امرئ عرف قدر نفسه، ورحم الله امة تدرك حجم المخاطر من حولها..
والحكمة في يتحرك كل العراقيين الأحرار قبل أن تجرفهم أعاصير الأقدار وتمسح ما تبقى من العراق.
مع فائق الود والاحترام أيضا أختتم بالمثل لك أخي صباح المختار وللدكتور ضرغام الدباغ الأمين العام للمجلس السياسي العام لثوار العراق .
وان غدا لناظره قريب
ا.د. عبد الكاظم العبودي
في 20 ديسمبر 2015
تحويل كودإخفاء محول الأكواد الإبتساماتإخفاء