أحدث المواضيع

المسفر أضاع الطريق في باريس ‫ــ ‏سلام الشماع‬


عاتبني أصدقاء كثيرون على اللغة القاسية التي استعملتها في حديثي عن مؤتمر باريس وفي خطابي مع الشيخ جمال الضاري.
إنهم صوروا الأمر في عتابهم عليّ وكأن بيني وبين الشيخ الضاري ثأر عشائري أو خصومة شخصية، والحال إني أحترم الضاري كعراقي وكإنسان، وللعلم أنه وعد بلقاء بيننا بعد المؤتمر للحوار، وإن حدث سأذهب إليه وأحاوره، فهو لاشك يحب العراق، وربما هناك من صور له أن القضية العراقية بالبساطة والسهولة والسطحية، التي يمكن أن يحلها مؤتمر لم تشارك فيه قوى الشعب الحقيقية، خصوصاً وأن حل هذه القضية ليس بيد أمريكا أو دول التعاون الخليجي أو قطر أو إيران، وحتماً أن تدخل هذه الدول أو غيرها سيعقد المشهد العراقي ويجعل القضية العراقية تستعصي على الحل.. إن الحل بيد شعب العراق ولا قوة في الكون كله يمكن أن تعلو على إرادة هذا الشعب المقاوم منذ خلقه الله، ولعل سر ذلك موجود في مقلوب كلمة (عراقي)، حيث يكون (يقارع)، والتاريخ يشهد للعراقي أنه ما كلّ وما ملّ من القراع طوال تاريخه وإلى أن تقوم الساعة من أجل أرضه وكرامته.
إن من المستغرب حقاً أن ينسى من يصف نفسه بأنه (مفكر) مثل الدكتور القطري محمد المسفر، هذه الحقيقة وحقائق أخرى حاكمة عندما قال إن دول التعاون الخليجي تريد من مؤتمر باريس أن يكون التنظيم الذي تعتمد عليه في العراق!!
نعم، نسي هذا (المفكر) أن العراق أبو الحضارات في العالم، وأن فشل مؤتمر باريس سيترك تأثيراته على دول الخليج نفسها وينعكس عليها، بما للعراق وهذه الدول من وشائج تاريخية عميقة، وأنا على ثقة تامة أن من يرفض الاعتراف بأن البعث وحلفاءه هم مفاتيح الحل في القضية العراقية سيعودون للاعتراف بذلك وأنفهم راغم. 
ثم يقول هذا المسفر مبرراً إرادة دول مجلس التعاون الخليجي من المؤتمر: (لأنه لا توجد أي جهة أخرى، حزب البعث قد انتهى، والحزب الشيوعي قد انتهى، والقوى الوطنية الأخرى قد انتهت... الخ).
ولا أدري على أي أسانيد استند في حكمه هذا؟ وهو يعرف ما دام (مفكراً) تفاصيل دور الحزب والقوى الوطنية والقومية والإسلامية والمقاومة العراقية الباسلة التي ألحقت بالامريكان مرّ الهزيمة بتكبيدها خسائر مادية وبشرية وسياسية رهيبة.
ويؤسفني القول إن هذه الأقوال لا تصدر إلا عن إنسان خرف، بل في ذروة الخرف، لأن مؤتمراً مشبوهاً تافهاً مدفوع الثمن كمؤتمر باريس يعول عليه المسفر ومن وراءه لن يحرر العراق، وتأثيره لن يصل إلى باب القاعة التي عقد فيها، وأن العراقيين وقواهم الوطنية لن يعولوا على حلول يضعها لقضيتهم الأمريكان وعملاؤهم، في مؤتمر حضرته شخصيات دولية متقاعدة لا تهش ولا تنش وبأجور تجاوزت الملايين دفعت مقدما إلى مكاتبهم عن طريق شركة بريطانية - أمريكية، من الأموال التي حصل عليها جمال الضاري من قطر، ليبذخ بها على من يشتري ذممهم لشتم النظام الوطني الذي كان قائماً قبل الاحتلال.
وهل يعتقد (المفكر القطري) محمد المسفر ان المؤتمر الذي نصف حضوره ربات بيوت قدمن للسياحة مع أزواجهن يمكن ان يمثل حلاً لقضية العراق.. مع احترامنا للجميع.
ثم كيف سمح هذا المسفر لنفسه أن يتجاوز حدود اللياقة والدبلوماسية التي يدعيها في حديثه هذا عندما داس على ضميره وتجاهل دور فصائل المقاومة الوطنية الباسلة التي ما زالت تمثل الرقم الصعب في الميدان والبعث عنوانها الدائم... وتنكر لتضحياتها وشهدائها وبذلها المستمر؟
إني أجد نفسي، وأنا أعتز بدول الخليج وشعوبها كونها جزءاً من وطننا العربي الكبير وشعبها جزءاً منا، أن أقوم مقام الناصح لها، أن لا تتورط مع العراقيين وأن تتركهم من دون تدخل في شؤونهم لأن ذلك سينعكس عاجلاً على أوضاعها الداخلية حتماً، فهي إذ تتغافل قوة حزب البعث والأحزاب والحركات والقوى الوطنية العراقية ستكون كمن يطحن الهواء أو تحمل الماء في منخل، وستكتشف أن البعث وحلفاءه، الذين جرعوا إيران كأس السم وأمريكا مر الهزيمة، يلتف حولهم العراقيون جميعاً فليس مثلهم في الكون كله من يشعر برهافة وحساسية عالية بعزتهم وكرامتهم، وليعلم العالم بأسره أن العراق ليس يتيماً ولا ضعيفاً ليحتاج إلى من ينصب نفسه وصياً عليه أو يرسم له مصيره الذي ما زال بيد شعبه، ذلك الشعب العظيم الذي يعي أن الأحمق وحده من يطلب من شثاثة عافية، كما يقول المثل العراقي، وأن مفاتيح العقد والحل بيد البعث وحلفائه والشعب الذي يلتف حولهم.
ألم أقل، وستتأكدون من قولي: كل الشريع زلك من يمنا العبرة؟
والبقية تأتي........
شكرا لك ولمرورك