أحدث المواضيع

ماذا بعد الاجتياح الإيراني المليوني للعراق؟ ــ نسر العراق



لم يكن حادث اختراق مئات الآلاف من الإيرانيين والأفغان لمعبر زرباطيه الحدودي، مجرد خرق عادي، وحالة خاصة، أو اختراق بسيط لنقطة حدودية في ظرف عادي، بل إنه حالة تجريبية غير مسبوقة لتفعيل الفوضى المهلكة التي بات يعيشها العراق، تحت ظلال سلطة حكومة كامل يخجل العار من رداءتها ومن أسلوبها الضعيف، بل من تبعيتها الرثة لأولياء الأمر في طهران، لم يحدث أبداً عمل مشابه لما تم في العراق في منطقة الشرق الأوسط منذ أن تأسست دوله مطلع القرن العشرين، ولم يتم أبداً تسويق حالة مماثلة لما يحصل حاليا في العراق الملتهب والمتشابك والضائع في تحديد البوصلة وحتى الهوية.

لقد دخل أكثر من نصف مليون مواطن إيراني عنوة للعراق بعد أن دمروا المركز الحدودي بذريعة زيارة الأماكن الشيعية المقدسة فيه، ولم تبدر عن الحكومة العراقية وهي تتابع توالي الحشود البشرية على الحدود في منطقة زرباطيه تحديدا وهي القريبة لبغداد أي مواقف تصدٍّ أو استعداد لرد الخطر أو درء الاحتمالات الخطرة، بل إن الفضيحة قد مرت ورئيس الحكومة مشغول باللطم في كربلاء وهو يرتدي دشداشته السوداء، ويضحك غير آبه بالمصيبة التي حدثت وبانهيار السيادة بالكامل وبتحول العراق لخرابة مفتوحة الحدود مكسرة الأضلاع أمام جمهرة من الغوغائيين.

ترى كيف للبلد أن يسترد عافيته ويبسط الأمن والسلام والحكومة عاجزة عن حماية حدوده مكتفية بتسليح الميليشيات الطائفية ذات المرجعية الإيرانية التي تعيث في الأرض العراقية فسادا، وتعمل بجد على ترسيخ متغيرات ديموغرافية يحاولون فرضها استعدادا لإشهار دولة ميليشيات الولي الفقيه قريبا، وهو مشروع طائفي طموح يشكل الاجتياح الإيراني الشعبي للعراق، أحد أهم أضلاعه الفاعلة، والغريب أن حكومة العراق اكتفت ببيان سقيم ويتيم من وزارة الخارجية التابعة أصلا لجماعة إيران في العراق.

أما الداخلية التي يقودها رجال إيران المباشرين عبر وزيرها القيادي في عصابة بدر الإيرانية محمد الغبان، فهم أبعد الأطراف عن الاهتمام بالموضوع رغم أنه يخصهم أساسا، وأستطيع القول واستنادا لمعرفة وثيقة بطبيعة القوى العراقية الحاكمة حاليا بأن إدخال الإيرانيين للعراق جاء بهدف تجنيسهم وتوزيعهم على مناطق ديالى وصلاح الدين بهدف تكريس واقع ديموغرافي طائفي جديد وبتخطيط من مثلت الأركان الإيرانية في العراق وهم قائد عصابة بدر هادي العامري ونائبه الإرهابي الدولي أبو مهدي المهندس، وبمعاونة وزير الداخلية التابع لهم أصلا محمد الغبان، وبتخطيط من قيادة الحرس الثوري الإيراني وبعلم تفصيلي من رئيس الحكومة حيدر العبادي الذي لا يمكن له معارضة التوجهات والمخططات الإيرانية لكونه جزءا فاعلا من المنظومة الطائفية الإيرانية التي تهيمن على العراق وتعمل من أجل جعله لونا واحدا مهيمنا ومسيطرا.

لقد كانت الذرائع الإيرانية الرسمية لرفض الدخول للعراق مثيرة للسخرية، حيث أعلنت السلطات عن نيتها محاكمة كل من دخل دون تأشيرة للعراق، أي أنهم سيحاكمون 500000 إيراني، فهل سيتمكنون من ذلك فعلا؟ الأمر مهزلة حقيقية، ثم جاء تصريح رسمي عراقي بصعوبة إخراج 150000 أفغاني دخلوا لكربلاء مع الداخلين ليزيد المشهد سخرية وبؤسا، ولكن حقيقة الدوافع الإيرانية عبر عنها أحد قادة الجيش الإيراني وهو الجنرال عطا الله صالحي بقوله: (إن العراق لا يحق له الاحتجاج على دخول ملايين الإيرانيين لكونه، أي العراق، جزءا من إيران تاريخيا)... هذا التصريح بحد ذاته تأكيد أصيل على طبيعة نوايا الإدارة الإيرانية في الهيمنة المباشرة على العراق استغلالا لحالة الضعف الحكومية ولقوة الحشد الشيعي المدعوم مرجعيا وإيرانيا، وبهدف استثمار الوقت والظروف لتحويل العراق لملحقية إدارية تابعة لطهران، فالمعلومات الواردة من بغداد تؤكد قيام وزارة الداخلية بإعداد مئات الآلاف من بطاقات هوية الأحوال المدنية التي سلمت لعناصر إيرانية وأفغانية تم تجنيسها فعليا في ظل حالة الفوضى المطبقة على العراق.

في العراق تدور اليوم مخططات خطيرة لن تقتصر نتائجها أو تتوقف عند حدوده فقط، بل ستتعداه للمحيط المجاور، خصوصا وأن لإيران أهدافا ومطامع خطيرة في بعض دول الخليج العربي وخصوصا مملكة البحرين، دون تجاهل الدور الخطير للوبيات الإيرانية في البعض الآخر من دول الخليج وأعني الكويت تحديدا..

إيران تقف اليوم أمام منعطفات تاريخية خطرة، سواء في تدخلها العسكري العدواني المباشر في سوريا، أو من خلال ابتلاع العراق واحتوائه بالكامل عبر جهود عملائه المتسلطين هناك... أيام صعبة وحاسمة تعيشها المنطقة!!.
يقين نت + وكالات
شكرا لك ولمرورك