بسم الله الرحمن الرحيم
أيها الاخوة أبناء الشعب في الكويت ..
السلام عليكم ..
كلما أمعن في السوء من أساء اليكم والى اخوانكم في العراق ، من اولئك الذين ابتليتم بهم ، وجاءتنا بعدكم أو معكم آثار البلوى منهم شررا وحرائق مستمرة ، لم تنطفيء خلال الاعوام والسنين الماضية ، ونظنها سوف تستمر للزمن اللاحق ، الا اذا اذن رب العباد ، القادر العظيم ، بما يعتبر هيناً على قدرته ، فيحل ما هو معقد ، ويلغي ما هو مؤذ ، ويضع الامور في نصابها ، بما يسر قلوب قوم مؤمنين .. نقول ، كلما امعن السوء بالاذى ضد اخوانكم في العراق ، بمشاركة الاجنبي بمخططاته التدميرية وما اصابهم في حياتهم منه ، بما في ذلك الموت المستمر ، ليس بالحصار فحسب ، وانما بكل ما اوتي الاجنبي المعتدي من قدرة تدميرية ، وجدنا من الواجب ان نوضح لكم ما ينبغي على طرفي الحال ، ونذكركم بما يقتضي ، تاركين لكم ، ولابناء امتنا وكل الخيرين في العالم ان يحاكموا بموجبها ما هو قديم ، بالاضافة الى! مايقع على شعب العراق في يومنا هذا ، وما يمتد به السوء الى المستقبل ..
فلقد وجدنا ، انا ورفاقي في القيادة ، تحت القول : عسى ولعل ، لنتجنب في العراق ، ونجنب اخواننا في الكويت ، التشويش وخلق الذرائع لايغال السيئين في سوئهم ، وفي ربط مصيرهم بصورة نهائية بالاجنبي ومخططاته ، بحيث يغدو الامل في انقاذ المعنيين من انفسهم الامارة بالسوء ، وانقاذ الاخرين من سوئهم شبه مستحيل ، ان لم يكن مستحيلا استحالة كاملة ، هو ومصيرهم الاظلم وعاقبة السوء ، بعد ان ظلموا انفسهم وغيرهم ، نقول وجدنا انفسنا نتريث في قول ما ينبغي حتى الان .. ودافعنا الاساس في ما نريد قوله هو ان ذكر الحقائق قد يعينكم على مزيد من الوضوح في تفسير المواقف والاحداث الان ، وبأثر رجعي للاحداث والمواقف منذ الثاني من آب عام 1990 .. وكنا ، وما زلنا نعتمد دائما على ذكائكم ووعيكم ، وطيش الطاغوت وغباء الاغبياء في اظهار سوئهم مثلما هو من الذين ارتموا في احضانه بصورة مكشوفة وعلنية ومخزية ، لتعرفوا الحقيقة واضحة مثلما! هي ، وتقفوا الموقف المنصف لكل وطني وقومي غيور ومؤمن يحب الله ، ويحبه ربه ، لتخفيف الاذى عليكم وعلى اخوانكم في العراق .. ولكن موقفنا هذا ، والمباديء القومية المؤمنة التي اعتمدنا عليها في هذا الموقف ، وبالذات بعد مؤتمر بيروت ، وما التزمنا به من قراراته التي اعلن المسؤولون في الكويت انهم التزموا بها وخالفوها بعد حين فحسب ، قد اوهم من سد باب رحمة الله عنه بتصرفه وجحوده ، بان موقفنا هذا انما هو نتيجة ضعف ، وليس قرارا اردناه ، مستجيبين لدواعي ما ذكرنا ورغبة من كانت رغبته صادقة وامينة من العرب .
ايها الاخوة ..
لعلكم تتذكرون اننا ما ان حقق الله لنا النصر في القادسية الثانية المجيدة على من اجج تلك الحرب ، حتى فاتحنا المسؤولين في الكويت عن جاهزيتنا لنعطي كل الوقت اللازم لحل الامور العالقة بيننا ، ولشدة ما كانت دهشتنا كبيرة عندما واجهنا المسؤولون عندكم بعدم الاكتراث بدعوتنا تلك ، ولم نكن في وقتها قد وصلنا الى تفسير مقنع لذلك الموقف ، الا عندما بدأت التمارين العسكرية المشتركة بلعبة حرب في تشرين الاول من عام 1989 في الكويت باشراف الاميركان ، تلتها شهادة الجنرال نورمان شوارسكوف امام الكونغرس الاميركي في شباط 1990 ، التي قال فيها نصاً ( ان هناك حاجة لزيادة الوجود العسكري الاميركي في منطقة الخليج ، محذرا من قدرة العراق على ازعاج جيرانه ) حسب زعمه في وقت لم يكن هنالك ما يلوح في الافق غير بداية ملامح بسيطة للمؤامرة الاقتصادية على اخوانكم في العراق ، وحفر الابار النفطية بشكل مائل عند خط الدوريات الذي وض! عته الجامعة العربية بحيث يؤثر هذا التصرف سلبيا على حقولنا النفطية في الجنوب ، ثم جاء بعده اعتبار المعونة المالية اليسيرة التي قدمها المسؤولون في الكويت في القادسية ديونا حية واجبة الدفع .. وتخفيض اسعار النفط الى سبعة دولارات للبرميل بدلا من 21 دولارا انذاك ، بعد ان اغرق المعنيون في الكويت السوق النفطية بانتاج خارج استحقاقهم المقرر من اوبك ، رغم كل التنبيهات التي اطلقت في حينها .
لقد سار دفع المؤامرة تحت كل هذه العناوين والمسميات بصورة متسارعة ، وصار ما هو اظهر واخطر فيها التمارين العسكرية المشتركة التي اجريت تحت اشراف الجنرال شوارسكوف الذي قاد بنفسه فيما بعد جيوش التحالف العدواني ضد عراقكم وبغدادكم ، بغداد العرب والمسلمين ، ولقد وقعت في ايدينا مصورة فيما بعد تلك الخطط والفعاليات العسكرية التي اعد لها الاميركان والمسؤولون في الكويت .. وعندها اصبح الدور الذي رسمه الاميركيون للكويت ، بالتخطيط المشترك مع حكامها ، واضحا .. فتسارعت الاحداث وما رافقها من خطر داهم واستفزازات مستمرة لاتنبيء بامل حل الامور بالطرق السياسية وتحت حساسية واهمية الدفاع عن النفس ، وحماية كل ما هو عزيز ، وقعت احداث الثاني من آب عام 1990 .
لقد ظلمتكم وظلمتنا ظروف تسارع الاحداث ، وعدم اتاحة الفرصة لكم لتعرفوا ما عرفناه وما لم نعرفه في حينه ، فلم تتبينوا ، وزاد في الطين بلة من اساء الينا قبل ان تكون الاساءة واقعة عليكم ، ممن كانت طويته ونيته على خط واحد ومشترك مع الذين كانوا يعدون لصفحة الغدر والخيانة التي وقعت علينا في العراق ، كواحدة من صفحات العدوان على العراق بتخطيط من الاميركان ، وتعاون من تعاون معهم ، يردف ذلك من اساء تحت ضغط عوامل غير اصيلة ، وقلة وعي منه فوقفتم الموقف الذي نحن اسفون على كل ما وقع عليكم بسببه ، وصار سببا لدفعكم لان تقفوا الموقف وتتصوروا ما تصورتموه ، حتى اختلطت لديكم ولدى غيركم الالوان والدوافع ، وتداخلت الصفوف .
ايها الاخوة ..
اننا نقول قولنا هذا ليس ضعفا منا ، او تكتيكا لغاية غير مشروعة ، بل لتوضيح الحقائق وفق ما نرى ، ومثلما لكم اجتهادكم الذي نحترمه ولانزعل منه ، حتى لو اصابنا منه اذى ، فاننا نقول اجتهادنا هذا على وفق دوافعه المشروعة ايضا .. ان تصوركم واجتهادكم حتى لو لم يهتد الى الصواب كما ينبغي في السابق .. فاننا واثقون من انكم ستهتدون اليه الان او في المستقبل ، والاساس الذي يغضبنا فقط ونعتقد انه يغضبكم ايضا ، هو الموقف والعمل الذي يغضب الله ، او يقع موقع خدمة الاجنبي ويكون ضمن خططه ، وهو الذي يتربص بامتنا ، ومنها نحن وانتم ، ولايضمر لنا ولكم ولامتنا الا السوء والاذى .
وعلى هذا الاساس ، فاننا نعتذر الى الله عن أي فعل يغضبه سبحانه ان كان قد وقع في الماضي مما لانعرف به ويحسب على مسؤوليتنا ونعتذر لكم على هذا الاساس ايضا .
ايها الاخوة ..
ان ما نتمناه لكم هو مثلما نعمل عليه لاخوانكم في العراق ، وهو ان تعيشوا احرارا ، لايسيطر اجنبي على مصيركم وارادتكم وقراركم وثروتكم .. وحاضركم ومستقبلكم ، وان تجتهدوا احرارا مؤمنين بما يخدم شعبكم وامتكم ، وليس احتواءكم بالباطل ، او احتلالكم بالقوة الغاشمة .
انكم تعرفون ان عراقكم غني بمبادئه وتاريخه وقيمه وايمانه وانسانه ، ومع غناه هذا الذي يسبق أي شيء مادي ليعتد به ، وفق معاني وقيم العرب المؤمنين ، فانه غني بثروته المادية والاقتصادية ايضا .. واذا كان النفط هو اساس الثروة وما يملك اصحابها في الكويت ، فان النفط ليس الا جزءا من الثروة في بلدكم العراق .. واذا نضب النفط عندكم ، او تحول الناس عنه كمصدر اساسي من مصادر الطاقة ، فان عناصر الثروة في العراق ذات طابع مستديم الى ما شاء الله .
اما ضعف حال الاقتدار في شعب صغير عندما ينعزل عن امته ، فقد جربتموه في الكويت وجربه غيركم ، بعد ان عزل المسؤولون في بلادكم الشعب عن امته .. حتى صارت الثروة ، بما فيها الثروة الشخصية للمسؤولين المودعة في البنوك الاجنبية ، تحت سيطرة الاجنبي .. بل ما هو أمر واكثر خطورة هو ان الاجنبي ، مثلما ترون ، يحتل بلادكم احتلالا عسكريا مباشرا ، وانكم تعرفون ان الاجنبي عندما يحتل البلاد ، لايدنس تراب الاوطان فحسب ، وانما يدنس الروح والدين والعقول ، ويمسخ النفوس ، الا نفس من يحمل عليه السلاح ويقاومه .. فتحية منا ومن شعب العراق ، لاولئك الفتية المؤمنين ، الذين يحملون على الاجنبي المحتل بالسلاح ، او تنظر اليه نفوس من يؤمنون بانه عار يقتضي تطهير الارض والشعب منه بالنار والوسائل الاخرى .
تحية لاولئك الميامين الابرار ، الاحياء منهم والشهداء ، لانهم رفعوا بيرق الحق بوجه الباطل والعار ، وابعدوا ما يمكن ان يوجه اليكم من تهمة عار لو قبلتم بالاحتلال بعد ان اراده حكامكم ، بل خفف عنا وعن غيرنا من العرب الغيارى ثقل المسؤولية تجاه احتلال الاجنبي للكويت ، وهي جزء من الوطن العربي الكبير .
ايها الاخوة ..
قد يقول قائل منكم ان احتلال الكويت ما كان ليحصل لولا دخول جيش العراق الى الكويت وخروجه منها .
ونود ان نذكركم بان الاميركان كانوا في الكويت يعدون التمارين العدوانية على العراق قبل دخول جيش العراق اليها ، وان نفس الاهداف التي يعلن الاميركان عنها ويضمرون القسم الاساس منها ، وهو نهب ثروتكم ، وتحويلكم الى عاملين تحت اشرافهم فحسب ، وتحويل المسؤولين عندكم الى مدراء محليين لشركة اميركية لانتاج البترول ، وتحديد كميته واسعاره ولمن يباع من قبل مدير الشركة الاصلي الاميركي في واشنطن او نيويورك ، وان ما يخططون له انما هو لكل دول الخليج العربي ومنها العراق ، واذا كان دخول جيش العراق سببا لهذا بالنسبة للكويت ، فما هو السبب الذي يجعلهم ينشرون جيوشهم الان في منطقة الخليج العربي بما يشبه الاحتلال من الناحية الواقعية ، ويسعون ، خابوا وخسئوا ، لاحتلال العراق ؟!
ومن كان يمنعهم من احتلال الكويت قبل الثاني من آب عام 1990 غير جيش العراق نفسه ، وشعب العراق ، وبالتالي تضامن الشعب العربي ، ومنه الشعب في الكويت ، مع جيش العراق وشعب العراق ، لو حصل هذا انذاك واصطدم بالاجنبي الذي يحتل الكويت ؟
ان اساس المؤامرة على العراق ، بما في ذلك العدوان عليه عام 1991 ، واستمرار العدوان حتى الان ، انما هو لانهم يدركون ان القيادة في العراق ، وشعبكم وجيشكم في العراق لايقفون مكتوفي الايدي امام احتلال اجنبي لاي ارض عربية ، ومنها الكويت واحتلال الصهيونية لفلسطين العربية .. ولو كانوا صادقين بانهم جاءوا ليحرروا الكويت من جيش العراق ، مثلما اعلنوا ، لانسحبوا من الكويت ، وقالوا انهم سيعودون للدفاع عنها لو حاول العراق دخولها مرة اخرى .. ولكنهم احتلوا الكويت .. ونشروا جيوشهم في دول خليجية اخرى ، وزادوا ذلك ومعه نفوذهم فيها مع الزمن ، ويحاولون ، خسئوا احتلال العراق الان .
اننا لانشك بوعيكم ايها الاخوة ، ولكن واجبنا يدفعنا لنقول هذا القول الصريح لكم ، ومع انه ليس كل ما نرغب في ان نقوله ، فانه مناسب ، وفق ما رأينا لان نقوله لكم الان ، بعد ان اطلعتم على الكثير من نوايا المسؤولين في الكويت ، ونوايا الاجنبي المحتل .. اما مناسبة توقيت هذا القول ، فهو الحديث العلني للمسؤولين في الكويت ، وتخطيطهم يدا بيد مع جيوش الاجنبي لايذاء العراق ، وتسهيل دخول جيوش الاجنبي اليه محتلا ، خسئوا وخاب ما يفعلون ، مثلما احتل الكويت ، ولان الطائرات الاميركية والبريطانية استمرت تغير من اراضي الكويت ، وعبر اجوائها ، على ممتلكات العراقيين وتدمرها ، وتزهق ارواحهم ، وكأن الاثني عشر عاما التي سبقت مؤتمر بيروت وقرارات العرب فيه ، والتي تنصل المسؤولون في الكويت عنها ، لم تشف غليل حقدهم ، بل ذهب بهم التجاسر لارضاء اسيادهم ، وحماية خيانتهم بخيانة اخرى للعملاء الذين يحملون الجنسية العراقية ،! او يدعون بانهم يحملونها ، وشرف المعاني لموجباتها بريء منهم ، فصاروا يصرحون علنا انهم يلتقون معهم .. وفي الوقت الذي يصرح اولئك العملاء باسباب اللقاء وما جرى الاتفاق عليه مع المسؤولين في الكويت ، وان المسؤولين سيبعثون من يمثلهم ليحضر مؤتمر الخيانة والتآمر الخائب على العراق في لندن ، يصرح المسؤولون في الكويت انهم يلتقون معهم للتشاور .. فاي تشاور هذا غير التآمر على العراق ، والتدخل في شؤونه الداخلية باشراف الاجنبي . !؟
فهل تتابعون هذا ايها الاخوة ؟ وهل ما زال يحجب عنكم التفسير الصحيح لما سبق الثاني من آب ، وما اعقبه ، وما اصاب العراق من اذى ودوافعه ! ؟ ثم ، الا يحق لاي من العراقيين او أي من الشعب في الكويت ان يقول : طالما التأم العملاء على بعضهم تحت ارادة وتوجيه الاجنبي لايذاء العراق والامة ، فلماذا لايلتئم المؤمنون والمخلصون والمجاهدون في الكويت مع اقرانهم في العراق تحت خيمة بارئهم ، بدلا من خيمة لندن او واشنطن ورديفهما الكيان الصهيوني ، ويبحثوا امرهم ، وفي المقدمة من هذا الجهاد ضد جيوش الكفر المحتلة ، لغسل العار الذي يصيب الامة والاذى الذي يصيب الشعب في الكويت او في العراق ! ؟.
واذا سأل المسؤولون الكويتيون او غيرهم : لماذا ! ؟ يقول لهم من يقول : اننا نتشاور تشاور الاحرار .. ضد تشاور العبيد ، وتشاور المجاهدين مقابل تشاور العملاء ، وتشاور المؤمنين مقابل تشاور من خانوا ربهم ، بعد ان خانوا امتهم .. تشاور هذه صفته وليس تدخلا في الشؤون الداخلية لاحد .
( ربنا اطمس على اموالهم ، واشدد على قلوبهم فلا يؤمنوا حتى يروا العذاب الاليم )
والله اكبر ..
الله اكبر ..
وليخسأ الخاسئون ..
صدام حسين
في الثالث من شوال / 1423 للهجرة
الموافق للسابع من كانون الاول / 2002 للميلاد
تحويل كودإخفاء محول الأكواد الإبتساماتإخفاء